Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 82, Ayat: 13-19)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ ابن كثير وأهل البصرة { يوم لا تملك } برفع الميم . الباقون بالنصب على الظرف ، ويجوز أن ينصبه باضمار فعل أى نقول يوم لا تملك ، ومن رفع استأنف ويجوز أن يجعله بدلا مما قبله . وقيل : ان { يوم } إذا أضيف إلى فعل مضارع رفع وإذا اضيف إلى فعل ماض نصب ، نحو قولهم : يوم يفعل ، ويوم فعل ، وقال ابو علي : من رفع جعله خبر ابتداء محذوف ، وتقديره هو يوم : ومن نصب فعلى أن يكون الخبر على الجزاء ، فكأنه قال الجزاء يوم لا تملك نفس . يقول الله تعالى مخبراً { إن الأبرار لفي نعيم } وهم الذين يفعلون الطاعات التي يستحقون بها الجنة والثواب بأنواع اللذات جزاء على طاعاتهم ، واخبر أيضاً { وإن الفجار } وهم الذين خرجوا عن طاعة الله إلى معصيته والمراد به - ها هنا - الكفار { لفي جحيم } جزاء على كفرهم ومعاصيهم { يصلونها يوم الدين وما هم عنها بغائبين } يعني لا يكونون غائبين عن الجحيم بل يكونون مؤبدين فيها ، وليس يدل ذلك على أن فساق أهل الملة لا يخرجون من النار ، لأنا بينا أن الآية مخصوصة بالكفار من حيث بينا فى غير موضع أن معهم ثواباً دائماً على إيمانهم لم ينحبط لبطلان القول بالتحابط ، فاذاً لا بد من إخراجهم من النار ليوفوا ثوابهم . وقوله { يصلونها يوم الدين } معناه إن الفجار يصلون في الجحيم يو م الجزاء على الاعمال . وسمي الاسلام ديناً لانه يستحق به الجزاء لان أصل الدين الجزاء ، ودين اليهودية وغيرها يستحق بها العقاب . ومعنى قوله { يصلونها } يلزمونها بكونهم فيها ومنه المصطلي الملازم للنار متدفياً بها ، صلى يصلي صلا واصطلى يصطلي اصطلاء . وقوله { وما أدراك ما يوم الدين ثم ما أدراك ما يوم الدين } تعظيم ليوم الجزاء بلفظ الاستفهام ، والغرض فيه التنبيه على عظم حاله وما يستحق به من ثواب وعقاب ليعمل العباد بما يؤديهم إلى الثواب والجنة والنجاة من العقاب ، وعظم يوم الدين لشدة الحاجة إلى نعيم الجنة ، والنجاة من النار ومن جملة العصاة ، فلا يوم أعظم من ذلك . ثم فسر تعالى ذلك وبينه بعد أن عظمه فقال { يوم لا تملك نفس لنفس شيئاً } ومعناه لا يملك أحد الدفاع عن غيره ممن يستحق العقاب كما يملك كثير من الناس ذلك في الدنيا ، فان الامر في ذلك اليوم لله وحده لم يملك أحداً شيئاً من الأمور كما ملكهم اشياء كثيرة في دار الدنيا . وقيل : معناه إنه لا يمكن أحداً أن يجازي احداً إلا بالحق بأمر الله تعالى .