Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 84, Ayat: 10-15)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ نافع وابن عامر وابن كثير والكسائي { يصلى } بضم الياء وفتح الصاد وتشديد اللام . الباقون بفتح الياء وإسكان الصاد خفيفة . وأماله أهل الكوفة إلا عاصماً . لما ذكر الله تعالى حكم من يعطى كتابه بيمينه من المؤمنين وأهل الطاعات وما أعد لهم من أنواع النعيم وإنقلابه إلى أهله مسروراً ، ذكر حكم الكفار الذين يعطون كتاب أعمالهم وراء ظهورهم ، وروي أنه يخرج شماله من ظهره ، ويعطي كتابه فيه . والوجه فى ذلك ما قدمناه من كون ذلك امارة للملاكة والخلائق أنه من أهل النار كما أن إعطاء الكتاب باليمين علامة على أنه من أهل الجنة . ثم حكى ما يحل به فقال { فسوف يدعو ثبوراً } فالثبور الهلاك أي يقول واهلاكاه . والمثبور الهالك . وقيل : إنه يقول واثبوراه . وقال الضحاك يدعو بالهلاك . وأصل الثبور الهلاك يقال : ثبره الله يثبره ثبراً إذا أهلكه . ومثبر الناقة الموضع الذى تطرح ولدها فيه ، لانها تشفي به على الهلاك ، وثبر البحر إذا جزر لهلاكه بانقطاع مائه ، يقال : تثابرت الرجال فى الحرب إذا تواثبت ، لاشفائها على الهلاك بالمواثبة . والمثابر على الشيء المواظب عليه لحمله نفسه على الهلاك بشدة المواظبة . وثبير جبل معروف والمثبرة تراب شبيه بالنورة إذا وصل عرق النخل اليه وقف ، لانه يهلكه ، وإنما يقول : واويلاه والهفاه واهلاكاه ، لأنه ينزل به من المكروه لأجله مثل ما ينزل بالمتفجع عليه . وقوله { ويصلى سعيراً } معناه إن من هذه صفته يلزم الكون فى السعير ، وهي النار المتوقدة على وجه التأبيد . وقوله { إنه كان في أهله مسروراً } معناه إنه اقتطعه السرور بأهله عما يلزمه أن يقدمه . فهو ذم له بهذا المعنى ، ولو لم يكن إلا السرور بأهله لم يذم عليه وقيل : معناه إنه كان فى أهله مسروراً بمعاصي الله ثم اخبر عنه { إنه ظن } في دار التكليف { أن لن يحور } أى لن يبعثه الله للجزاء ، ولا يرجع حياً بعد أن يصير ميتاً يقال : حار يحور حوراً إذا رجع ، وتقول : كلمته فما أحار جواباً أى ما ردّ جواباً . وفى المثل ( نعوذ بالله من الحور بعد الكور ) أى من الرجوع إلى النقصان بعد التمام ، وحوره إذا رده إلى البياض والمحور البكرة ، لانه يدور حتى يرجع إلى مكانه ، والمعنى إنه ظن ان لن يرجع إلى حال الحياة فى الآخرة ، فلذلك كان يرتكب المآثم وينتهك المحارم . فقال الله رداً عليه ليس الأمر على ما ظنه { بلى } إنه يرجع حياً ويجازى على أفعاله . وقوله { إنه كان به بصيراً } معناه إنه يخبر عن أنه لن يجوز ، بلى ويقطع الله عليه بأنه يجوز على انه بصير به وبجميع الامور .