Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 87, Ayat: 11-19)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ ابو عمرو وحمزة { بل يؤثرون } بالياء على الخبر عن الغائب . الباقون بالتاء على الخطاب للمواجهين ، وأدغم اللام فى التاء حمزة والكسائي إلا قتيبة والحلواني عن هشام فى كل موضع . لما أمر الله تعالى النبي صلى الله عليه وآله بالتذكرة وبين انه ينتفع بها من يخاف عقابه ذكر - ها هنا - أنه يتجنبها أي يتجنب الذكرى الاشقى ، فالتجنب المصير في جانب عن الشيء بما ينافي كونه ، فهذا الشقي تجنب الذكرى بأن صار بمعزل عنها بما ينافي كونها ، فالشقوة حالة تؤدي إلى شدة العقاب ونقيضها السعادة ، شقي يشقى شقوة وشقاء وأشقاه الله يشقيه اشقاء عاقبه عقاباً بكفره وسوء عمله . ثم بين ان هذا الشقي هو { الذي يصلى النار الكبرى } يعني نار جهنم ، ووصفها بالكبرى لان الحاجة إلى اتقائها أشد وذلك من كبر الشأن إذ الكبير الشأن هو المختص بشدة الحاجة اليه أولى باتقائه ، فكلما كان اكبر شأناً فالحاجة اليه أشد . وقال الحسن : النار الكبرى نار جهنم ، والنار الصغرى نار الدنيا ، وقال الفراء : النار الكبرى التي في الطبقة السفلى من جهنم . وقوله { ثم لا يموت فيها ولا يحيى } معناه إن هذا الشقي لا يموت في النار فيتخلص من العذاب ، ولا يحيى حياة له فيها لذة ، بل هو في ألوان العذاب وفنون العقاف . وقيل : لا يجد روح الحياة . وقوله { قد أفلح من تزكى } معناه قد فاز من تزكى يعني صار زاكياً بأن عمل الطاعات - في قول ابن عباس والحسن - وقال ابو الاحوص وقتادة : يعني من زكى ماله { وذكر اسم ربه } على كل حال { وصلى } على ما أمره الله به . ثم خاطب الخلق فقال { بل تؤثرون الحياة الدنيا } أي تختارون الحياة الدنيا على الآخرة بأن تعملوا الدنيا ولا تعملوا للاخرة ، وذلك على وجهين : احدهما - يجوز للرخصة . والآخر - محظور معصية لله . ثم قال تعالى { والآخرة خير وأبقى } أي منافع الآخرة من الثواب وغيره خير من منافع الدنيا وأبقى ، لانها باقية وهذه فانية منقطعة . وقوله { إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى } يعني ما ذكره الله وفصله من حكم المؤمن والكافر وما أعد الله لكل واحد من الفريقين مذكور فى كتب الأولين فى الصحف المنزلة على إبراهيم والتوراة المنزلة على موسى . وقيل من قوله { قد أفلح من تزكى } إلى آخر السورة هو المذكور فيها ، وقيل " من تزكى وذكر اسم ربه فصلى " فهو ممدوح فى الصحف الأولى ، كما هو ممدوح فى القرآن . وقيل : كتب الله كلها أنزلت فى شهر رمضان فأما القرآن فانه أنزل لاربع عشرة منه . وفى ذلك دلالة على أن إبراهيم كان قد أنزل عليه كتاب بخلاف قول من ينكر نبوته ويزعم أنه لم ينزل عليه كتاب ، ولا يكون نبي إلا ومعه كتاب ، حكي ذلك عن النصارى أنهم قالوا : لم يكن ابراهيم نبياً ، وإنما كان رجلا صالحاً .