Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 100-100)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ ابن كثير وحده { جنات تجري من تحتها } باثبات { من } وكذلك هو في مصاحف اهل مكة . الباقون بحذف { من } ونصبوا تحتها على الظرف . وقرأ يعقوب { والأنصار والذين } بضم الراء . الباقون بجرها . من رفع عطف على قوله { والسابقون الأولون } ورفع على الابتداء والخبر قوله { رضي الله عنهم } . ومن جرّ عطفه على { المهاجرين } كأنه قال : من المهاجرين ومن الأنصار . ومن اثبت { من } فلأن في القرآن مواضع لا تحصى { جنات تجري من تحتها } ومن أسقطها تبع مصحف غير أهل مكة . والمعنى واحد . اخبر الله تعالى أن الذين سبقوا أولا إلى الايمان بالله ورسوله والاقرار بهما من الذين هاجروا من مكة إلى المدينة والى الحبشة ، ومن الانصار الذين سبقوا اولا غيرهم إلى الاسلام من نظرائهم من أهل المدينة ، والذين تبعوا هؤلاء بأفعال الخير والدخول في الاسلام بعدهم وسلوكهم منهاجهم . وقال الفراء : يدخل في ذلك من يجيء بعدهم إلى يوم القيامة . وقال الزجاج : مثله . ثم اخبر أن الله رضي عنهم ورضي أفعالهم ورضوا هم ايضاً عن الله لما أجزل لهم من الثواب على طاعاتهم وإيمانهم به وبنبيه . والسبق كون الشيء قبل غيره . ومنه قيل في الخيل السابق ، والمصلي هو الذي يجيء في اثر السابق يتبع صلاه . وإنما كان السابق إلى الخير أفضل لانه داع اليه بسبقه - والثاني تابع - فهو امام فيه وكذلك من سبق إلى الشر كان اسوء حالا لهذه العلة . والاتباع طلب الثاني لحال الاول أن يكون على مثلها على ما يصح ويجوز ، ومثله الاقتداء . والاحسان هو النفع الواصل إلى الغير مع تعريه من وجوه القبح . فأما قولهم أحسن فمن فعله فقد يكون بفعل النفع وبفعل الضرر ، لأنه تعالى اذا فعل في الآخرة العقاب يقال إنه أحسن لكن لا يقال : أحسن اليه . وقوله { وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار } اخبار منه تعالى انه مع رضاه عنهم ورضاهم عنه أعد لهم الجنات يعني البساتين التي تجري تحت اشجارها الأنهار ، وقيل : ان انهارها اخاديد في الأرض فلذلك قال : تحتها { خالدين فيها أبداً } اي يبقون فيها ببقاء الله لا يفنون ، منعمين . وقوله { ذلك الفوز العظيم } معناه إن ذلك النعيم الذي ذكره هو الفلاح العظيم الذي تصغر في جنبه كل نعمة . واختلفوا فيمن نزلت فيه هذه الآية ، فقال ابو موسى وسعيد بن المسيب وابن سيرين وقتادة : نزلت فيمن صلى القبلتين ، وقال الشعبي : نزلت فيمن بايع بيعة الرضوان وهي بيعة الحديبية ، وقال : من اسلم بعد ذلك وهاجر فليس من المهاجرين الأولين . وقال ابو علي الجبائي : نزلت في الذين أسلموا قبل الهجرة . وروي أن عمر قرأ { والأنصار } بالرفع { الذين اتبعوهم } باسقاط الواو ، فقال أبي : والذين اتبعوهم بأمير المؤمنين فرجعوا إلى قوله .