Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 118-118)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
تقدير الكلام وتاب الله على الثلاثة الذين خلفوا . وقيل نزلت هذه الاية بسبب الثلاثة الذين تخلفوا عن غزاة تبوك ولم يخرجوا مع النبي صلى الله عليه وآله لا عن نفاق ، لكن عن توان ، ثم ندموا ، فلما ورد النبي صلى الله عليه وآله جاءوا اعتذروا ، فلم يكلمهم النبي صلى الله عليه وآله وتقدم إلى المسلمين بأن لا يكلمهم أحد منهم فهجرهم الناس حتى الصبيان وأهاليهم وجاءت نساؤهم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله تعتزلهم ، فقال : لا ولكن لا يقربونكن فضاقت عليهم المدينة ، فخرجوا إلى رؤس الجبال ، فكان أهاليهم يجيئون لهم بالطعام ويتركونه لهم ولا يكلمونهم ، فقال بعضهم لبعض : قد هجرنا الناس ولا يكلمنا أحد ، فهلا نتهاجر نحن ايضاً ، فتفرقوا ولم يجتمع منهم اثنان ، وثبتوا على ذلك نيفاً وأربعين يوماً . وقيل سنة يضرعون إلى الله تعالى ويتوبون اليه ، فقبل الله تعالى حينئذ توبتهم ، وانزل فيهم هذه الاية والثلاثة هم كعب بن مالك وهلال بن امية وفزارة بن ربيعة ، وكلهم من الأنصار - في قول ابن عباس ومجاهد وقتادة وجابر - والتخليف تأخير الشيء عمن مضى ، فأما تأخير الشيء عنك في المكان ، فليس بتخليف ، وهو من الخلف الذي هو مقابل لجهة الوجه . وقال مجاهد : خلفوا عن قبول التوبة بعد قبول توبة من قبل توبته من المنافقين ، كما قال تعالى فيما مضى { وآخرون مرجون لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم } وقال قتادة { خلفوا } عن غزوة تبوك كما تخلفوا هم . وبه قال الحسن . وفي قراءة اهل البيت عليهم السلام { خالفوا } قالوا لأنهم لو خلفوا لما توجه عليهم العتب . وقوله { حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت } فالضيق ضد السعة ومنه ضيق الصدر ، خلاف اتساعه بالهم الذي يحدث فيه فيشغله عن غيره ، وليس كذلك السرور لأنه لا يشغل عن ادراك الامور . ومعنى { بما رحبت } اي بما اتسعت تقول : رحبت رحباً ، ومنه مرحباً واهلا اي رحبت بلادك واهلت ، وضيق انفسم ها هنا بمعنى ضيق صدورهم ، بالهم الذي حصل فيها . وقوله { وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه } معناه وعلموا انه لا يعصمهم منه موضع إذا اعتصموا به والتجؤا اليه كأنه قال : لا معتصم من الله إلا به ، لجأ يلجأ لجاء وألجأه إلى كذا إلجاء إذا صيره إليه بالمنع من خلافه . والتجأ اليه التجاء وتلاجؤا تلاجؤا . وقوله { ثم تاب عليهم ليتوبوا } قيل في معناه ثلاثة اقوال : احدها - لطف لهم في التوبة ، كما يقال في الدعاء : تاب الله عليه . الثاني - قبل توبتهم ليتمسكوا بها في المستقبل . الثالث - قبل توبتهم ليرجعوا إلى حال الرضا عنهم . وقال الحسن : جعل لهم التوبة ليتوبوا بها ، والمخرج ليخرجوا به . وقوله { إن الله هو التواب الرحيم } اخبار منه تعالى بأنه يقبل توبة عباده كثيراً ويغفر ذنوبهم إذا رجعوا اليه لرحمته عليهم ورأفته بهم . وكان أبو عمرو يحكي عن عكرمة بن خالد { وعلى الثلاثة الذين خلفوا } بفتح الخاء والتخفيف وكان لا يأخذ بها . فان قيل : ما معنى التوبة عليهم واللائمة لهم وهم قد خلفوا فهلا عذروا ؟ قيل : ليس المعنى انهم أمروا بالتخلف او رضي منهم به بل كقولك لصاحبك : أين خلفت فلاناً ؟ فيقول : بموضع كذا ليس يريد انه امره بالتخلف هناك بل لعله ان يكون نهاه وانما يريد انه تخلف هناك