Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 128-128)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أقسم الله تعالى في هذه الآية بأنه قد { جاءكم رسول من أنفسكم } لان لام { لقد } هي اللام التي يتلقى بها القسم . والخطاب متوجه إلى جميع الخلق . ومعنى { من أنفسكم } أي انكم ترجعون إلى نفس واحدة كما قال { قل إنما أنا بشر مثلكم } ويحتمل ان يكون المراد به من العرب انكم كذلك . ويكون - على هذا - الخطاب متوجها إلى العرب خاصة ، فأنتم تخبرونه قبل مبعثه . وقيل : إنه لم يبق بطن من العرب إلا وولد النبي صلى الله عليه وآله وإنما ذكر ذلك لانه أقرب إلى الالفة ، وأبعد من المحك واللجاج ، واسرع إلى فهم الحجة ، فهو من انفسكم في اشرف نسبه منكم ، ومن أنفسكم في القرب منكم ، ومن انفسكم بالاختصاص بكم . وقوله { عزيز عليه } أي شديد عليه لأنه لا يقدر على ازالته ، والعزيز في صفات الله معناه المنيع القادر الذي لا يتعذر عليه فعل ما يريده . والعزة امتناع الشيء بما يتعذر معه ما يحاول منه ، وهو على ثلاثة أوجه : امتناع الشيء بالقدرة أو بالقلة أو بالصعوبة . وقوله { ما عنتم } يعني ما يلحقكم من الأذى الذي يضيق الصدر به ولا يهتدى للخروج منه . ومنه قيل : فلان يعنت في السؤال ، ومنه قوله تعالى { ولو شاء الله لأعنتكم } أي ضيق عليكم حتى لا تهتدوا للخروج منه ، والعنت إلقاء الشدة . و ( ما ) في قوله { ما عنتم } بمعنى الذي ، وهو في موضع رفع بالابتداء وخبره { عزيز } قدّم عليه . وقال الفراء : هو رفع بـ { عزيز } . وقوله { حريص عليكم } فالحرص شدة الطلب للشيء على الاجتهاد فيه . والمعنى : حريص عليكم ان تؤمنوا - في قول الحسن - ثم استأنف فقال { بالمؤمنين رؤوف رحيم } أي رفيق بهم رحيم عليهم .