Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 16-16)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله { أم حسبتم } من الاستفهام الذي يتوسط الكلام فيجعل بـ { أم } ليفرق بينه وبين الاستفهام المبتدأ الذي لم يتصل بكلام ولو كان المراد الابتداء لكان اما بالالف أو بـ { هل } كقوله { هل أتى على الإنسان } والمعنى ظننتم أن تتركوا . والظن والحسبان نظائر ، والحسبان قوة المعنى في النفس من غير قطع ، وهو مشتق من الحساب لدخوله فيما يحتسب به { ان تتركوا } معنى الترك هو ضد ينافي الفعل المبتدأ في محل القدرة عليه . ويستعمل بمعنى ( ألا يفعل ) كقوله { وتركهم في ظلمات لا يبصرون } وقوله { ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم } إذا قيل : لما يفعل ، فهو نفي للفعل مع تقريب لوقوعه . وإذا قيل : لم يفعل ، فهو نفي بعد اطماع في وقوعه . والمعنى ولما يجاهدوا ويمتنعوا ان يتخذوا وليجة ويعلم الله ذلك منكم فجاء مجيء نفي العلم لنفي المعلوم ، لأنه متى كان علم الله انه كائن . وكان ابلغ وأوجز ، لأنه اتى على طريقة نفي صفات الله تعالى . وقوله { ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجه } تقديره ولما يعلم الله الذين آمنوا لم يتخذوا من دون الله ولا رسوله وليجه ، فالوليجة الدخيلة في القوم من غيرهم تقول : ولج يلج ولوجاً وأولج إيلاجاً وتولج تولجاً بمعنى الدخول . والوليجة والدخيلة والبطانة نظائر . وكل شيء دخل في شيء وليس منه فهو وليجة ، قال طرفة : @ فان القوافي يتلجن موالجاً تضايق عنها ان تولجها الابر @@ وقال آخر : @ متخذاً من ضعوات تولجا متخذاً فيها اياداً دولجا @@ يعني الكأس . وقال الفراء : نهوا ان يتخذوا بطانة يفشون اليهم اسرارهم . وقال الجبائي : اتخاذ الوليجة من دون الله ودون رسوله هو النفاق . نهوا أن يكونوا منافقين ، وهو قول الحسن ، فانه قال : الوليجة هي الكفر والنفاق . وفي الآية دلالة على انه لا يجوز ان يتخذ من الفساق وليجة ، لان في ذلك تأليفاً بالفسق يجري مجرى الدعاء اليه مع ان الواجب معاداة الفساق والبراءة منهم ، ومع ذلك فهو غير مأمون على الأسرار والاطلاع عليها . قال الزجاج : كانت براءة تسمى الحافرة ، لانها حفرت عن قلوب المنافقين ، لأنه لما فرض القتال تميز المؤمنون من المنافقين ومن يوالي المؤمنين ممن يوالي اعداءهم .