Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 36-36)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ ابو جعفر { اثنا عشر } و { أحد عشر } و { تسعة عشر } بسكون الشين فيهن إلا أن النهرواني روى عنه حذف الألف التي قبل العين . لما ذكر الله تعالى وعيد الظالم لنفسه بكنز المال من غير اخراج الزكاة وغيرها من الحقوق التي لله منه اقتضى ذلك ان يذكر النهي عن مثل حاله ، وهو الظلم في الاشهر الحرم التي تؤدي إلى مثل حاله او شر منها في سوء المنقلب ، فأخبر تعالى { إن عدة الشهور } في السنة على ما تعبد الله المسلمين بأن يجعلوه لسنتهم دون ما يعتبره مخالفوا الاسلام { اثنا عشر شهراً } وانما قسمت السنة اثني عشر شهراً لتوافق أمر الاهلة مع نزول الشمس في اثني عشر برجاً تجري على حساب متفق ، كما قال : { الشمس والقمر بحسبان } والشهر مأخوذ من شهرة أمره لحاجة الناس اليه في معاملاتهم ومحل ديونهم وحجهم وصومهم ، وغير ذلك من مصالحهم المتعلقة بالشريعة . وقوله { في كتاب الله } معناه فيما كتبه الله في اللوح المحفوظ وفي الكتب المنزلة على أنبيائه . وقوله { يوم خلق السماوات والأرض } متصل بـ { عند الله } والعامل فيها الاستقرار . ثم بين أمر هذه الاثني عشر شهراً { منها أربعة حرم } وهي ذو القعدة ، وذو الحجة ، والمحرم ، ورجب : ثلاثة سرد وواحد فرد كما يعتقده العرب . ومعنى { حرم } انه يعظم انتهاك المحارم فيها اكثر مما يعظم في غيرها ، وكانت العرب تعظمها حتى ان الرجل لو لقي قاتل أبيه لم يهجه لحرمته . وانما جعل الله تعالى بعض الشهور اعظم حرمة من بعض لما علم في ذلك من المصلحة في الكف عن الظلم فيها ، فعظم منزلتها ، وانه ربما أدى ذلك إلى ترك الظلم اصلا لانطفاء النائرة تلك المدة وانكسار الحمية ، فان الأشياء تجر إلى اشكالها . وقوله { ذلك الدين القيم } معناه التدين بذلك هو الدين المستقيم . وقوله { فلا تظلموا فيهن أنفسكم } نهي منه تعالى لخلقه عن أن يظلموا انفسهم لأن من فعل قبيحاً يستحق عليه العقاب ، فقد ظلم نفسه بذلك بادخال الضرر عليها وقال ابو مسلم : معناه لا تدعوا قتال عدوكم في هذه الأشهر بأجمعكم ، ولا تمتنعوا من أحد الا من دخل تحت الجزية والصغار ، وكان من أهلها بدلالة قوله { وقاتلوا المشركين كافة } وكافة مشتقة من كفة الشيء وهي طرفه وانما أخذ من أن الشيء إذا انتهى إلى ذلك كف عن الزيادة ، ولا يثنى كافة ولا يجمع . وقوله { وقاتلوا المشركين كافة } امر منه تعالى بقتال المشركين أجمع : امر الله تعالى المؤمنين بأن يقاتلوهم كما أن المشركين يقاتلونهم كذلك ، والضمير في قوله { فيهن } يحتمل أن يكون عائداً على الشهور كلها على ما قال ابن عباس ، ويحتمل أن يعود على الأربعة الحرم على ما قال قتادة لعظم أمرها . واختار الفراء رجوعه إلى الاشهر الحرم . قال لانه لو رجع إلى الاثني عشر لقال فيها . والصحيح ان الجميع جائز وانما خص الأربعة اشهر بذلك في قول قتادة لتعاظم الظلم لا أن الظلم يجوز فعله على حال من الأحوال . وقوله { ذلك الدين القيم } معناه ذلك الحساب الصحيح هو الدين القيم لا ما كانت عليه العرب من النسيء . وقيل : معناه ذلك التدين هو الدين القيم . وقوله { كافة } نصب على المصدر ، ولا يدخل عليها الالف واللام ، لأنه من المصادر التي لا تنصرف لوقوعه موقع معاً وجمعاً بمعنى المصدر الذي هو في موضع الحال المذكورة ، فهو في لزوم النكرة نظير أجمعين في لزوم المعرفة . وقوله { واعلموا أن الله مع المتقين } لمعاصيهم وما يؤدي إلى عقابه ويكون معهم بالنصرة والولاية دون الاجتماع في مكان او محل ، لأن الله لا يجوز عليه ذلك لانه من امارت الحدث .