Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 55-55)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذا نهي للنبي صلى الله عليه وآله والمراد به المؤمنون والمعنى : لا يروق ناظركم ايها المؤمنون ظاهر حسنها يعني اموال المنافقين والكفار واولادهم تستحسنونه بالطبع البشري . وانما قلنا ذلك . لأن النبي صلى الله عليه وآله مع زهده لا يجوز ان يعجب بها اعجاب مشته لها . وقوله { إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا } وقيل في معنى ذلك وجوه : احدها - قال ابن عباس وقتادة والفراء : ان فيه التقديم والتأخير والتقدير فلا تعجبك اموالهم ولا اولادهم في الحياة الدنيا انما يريد الله ليعذبهم بها في الآخرة ، فيكون الظرف على هذا متعلقاً بأموالهم وأولادهم ، ومثله قوله تعالى { فألقه إليهم ثم تول عنهم فانظر ماذا يرجعون } وتقديره فالقه اليهم فانظر ماذا يرجعون ثم تول عنهم الثاني - قال ابن زيد : معناه انما يريد الله ليعذبهم بحفظها والمصائب فيها مع حرمان النفقة بها . والثالث - قال الجبائي : تقديره انما يريد الله ليعذبهم في الحياة الدنيا عند تمكن المؤمنين من اخذها وغنمها فيتحسرون عليها ويكون ذلك جزاء على كفرهم نعم الله تعالى بها . والرابع - قال البلخي والزجاج : ان معناه فلا تعجبك اموالهم ، فانها وبال عليهم ، لأن الله يعذبهم بها اي بما يكلفهم من انفاقها في الوجوه التي امرهم بها فتزهق انفسهم لشدة ذلك عليهم لانفاقهم ، وهم مع هذا كله كافرون وعاقبتهم النار فيكون قوله { وهم كافرون } اخباراً عن سوء احوالهم وقلة نفع المال والولد لهم ولا يكون عطفاً على ما مضى . والخامس - أن يكون المعنى أن مفارقتها وتركها والخروج عنها بالموت صعب عليهم شديد ، لأنهم يفارقون النعم ولا يدرون إلى ماذا يصيرون بعد الموت فيكون حينئذ عذاباً عليهم . بمعنى ان مفارقتها غم وعذاب . ومعنى { وتزهق أنفسهم } اي تهلك وتذهب بالموت يقال : زهق بضاعة فلان اي ذهبت اجمع . السادس - قال الحسن : اخبر الله تعالى عن عاقبتهم انهم يموتون على النفاق . وقال : ليعذبهم بزكاتها وانفاقها في سبيل الله ، وهو قول البلخي ايضاً والزجاج مع اعتقادهم ان ذلك ليس بقربة ، فيكون ذلك عذاباً أليماً . واللام في قوله { ليعذبهم } يحتمل ان يكون بمعنى ( أن ) والتقدير إنما يريد الله أن يعذبهم . والزهق الخروج بصعوبة . وأصله الهلاك ، ومنه قوله { قل جاء الحق وزهق الباطل } وكل هالك زاهق ، زهق يزهق زهوقاً . والزاهق من الدواب السمين الشديد السمن ، لأنه هالك يثقل بدنه في السير والكر والفر . وزهق فلان بين ايدي القوم إذا زهق سابقاً لهم حتى يهلك منهم . والاعجاب السرور بما يعجب منه تقول : اعجبني حديثه اي سرني بظرف حديثه . وليس في الآية ما يدل على ان الله تعالى اراد الكفر على ما يقوله المجبرة ، لأن قوله { وهم كافرون } في موضع الحال كقولك اريد ان تذمه وهو كافر واريد ان تضربه وهو عاص وأنت لا تريد كفره ولا عصيانه بل تريد ذمه في حال كفره وعصيانه ، وتقديره الاية إنما يريد الله عذابهم وازهاق انفسهم اي اهلاكها في حال كونهم كافرين ، كما يقول القائل للطبيب : اختلف الي كل يوم وأنا مريض ، وهو لا يريد المرض ، ويقول لغلامه : اختلف الي وأنا محبوس ، ولا يريد حبس نفسه .