Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 60-60)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
اخبر الله تعالى في هذه الآية انه ليست الصدقات التي هي زكاة الاموال إلا للفقراء والمساكين ومن ذكرهم في الآية . واختلفوا في الفرق بين الفقير والمسكين ، فقال ابن عباس والحسن وجابر وابن زيد والزهري ومجاهد : الفقير المتعفف الذي لا يسأل ، والمسكين الذي يسأل ، ذهبوا إلى أنه مشتق من المسكنة بالمسألة . وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال " ليس المسكين الذي ترده الاكلة والاكلتان والتمرة والتمرتان ولكن المسكين الذي لا يجد غنى فيغنيه ولا يسأل الناس إلحافاً " وقال قتادة : الفقير ذو الزمانة من اهل الحاجة . والمسكين من كان صحيحاً محتاجاً . وقال قوم : هما بمعنى واحد إلا انه ذكر بالصفتين لتأكيد امره قال الشاعر : @ انا الفقير كانت حلوبته وفق العيال فلم يترك له سبد @@ ويسمى المحتاج فقيراً تشبيهاً بأن الحاجة كأنها قد كسرت فقار ظهره يقال : فقر الرجل فقراً وأفقره الله افقاراً وافتقر افتقارا ، وتفاقر تفاقراً . وسمي المسكين بذلك تشبيهاً بأن الحاجة كأنها سكنته عن حال اهل السعة والثروة . قال الله تعالى { أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر } فمن قال : المسكين أحسن حالاً احتج بهذه الآية . ومن قال هما سواء قال : السفينة كانت مشتركة بين جماعة لكل واحد منهم الشيء اليسير . وقوله { والعاملين عليها } يعني سعاة الزكاة وجباتها ، وهو قول الزهري وابن زيد وغيرهم . وقوله { والمؤلفة قلوبهم } معناه أقوام أشراف كانوا في زمن النبي صلى الله عليه وآله فكان يتألفهم على الاسلام ويستعين بهم على قتال غيرهم ويعطيهم سهماً من الزكاة . وهل هو ثابت في جميع الاحوال ام في وقت دون وقت ؟ فقال الحسن والشعبي : ان هذا كان خاصاً على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله . وروى جابر عن ابي جعفر محمد بن علي عليهما السلام ذلك . واختار الجبائي انه ثابت في كل عصر الا ان من شرطه ان يكون هناك امام عدل يتألفهم على ذلك . وقوله { وفي الرقاب } يعني المكاتبين واجاز اصحابنا ان يشترى به عبد مؤمن إذا كان في شدة ويعتق من مال الزكاة ، ويكون ولاؤه لأرباب الزكاة ، وهو قول ابن عباس وجعفر بن مبشر . وقوله { والغارمين } قال مجاهد وقتادة والزهري وجميع المفسرين ، وهو قول ابي جعفر عليه السلام انهم الذين ركبتهم الديون في غير معصية ولا إسراف فتقضى عنهم ديونهم ، و { في سبيل الله } يعني الجهاد بلا خلاف . ويدخل فيه عند أصحابنا جميع مصالح المسلمين ، وهو قول ابن عمر وعطاء . وبه قال البلخي ، فانه قال : تبنى به المساجد والقناطر وغير ذلك ، وهو قول جعفر بن مبشر . و { ابن السبيل } وهو المسافر المنقطع به فانه يعطى من الزكاة وان كان غنياً في بلده من غير ان يكون ديناً عليه ، وهو قول مجاهد وقتادة قال الشاعر : @ انا ابن الحرب ربتني وليداً إلى ان شبت واكتهلت لداتي @@ وقال بعضهم : جعل الله الزكاة لامرين : احدهما - سدّ خلة . والآخر - تقوية ومعونة لعز الاسلام . واستدل بذلك على ان المؤلفة قلوبهم في كل زمان . واختلفوا في مقدار ما يعطى الجابي للصدقة ، فقال مجاهد والضحاك : يعطى الثمن بلا زيادة . وقال عبد الله بن عمر بن العاص والحسن وابن زيد : هو على قدر عمالته ، وهو المروي في اخبارنا . وقال ابن عباس وحذيفة وعمر بن الخطاب وعطاء وابراهيم وسعيد بن جبير ، وهو قول ابي جعفر وابي عبد الله عليهما السلام ان لقاسم الزكاة ان يضعها في اي الاصناف شاء . وكان بعض المتأخرين لا يضعها الا في سبعة أصناف لأن المؤلفة قد انقرضوا . وان قسمها الانسان عن نفسه ، ففي ستة لأنه بطل سهم العامل ، وزعم انه لا يجزي في كل صنف أقل من ثلاثة . وعندنا ان سهم المؤلفة والسعاة وسهم الجهاد قد سقط اليوم ، ويقسم في الخمسة الباقية كما يشاء رب المال وان وضعها في فرقة منهم جاز . وقوله { فريضة من الله } نصب على المصدر اي فرض ذلك فريضة وكان يجوز الرفع على الابتداء ولم يقرأ به ، ومعناه ان ما فرضه الله وقدره واجب عليكم . وقوله { والله عليم حكيم } معناه عالم بمصالحكم حكيم فيما يوجبه عليكم من اخراج الصدقات وغير ذلك .