Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 74-74)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اختلفوا فيمن نزلت فيه هذه الآية ، فقال عروة وابن اسحاق ومجاهد : إنها نزلت في الخلاس بن سويد بن الصامت بأنه قال : فان كان ما جاء به محمد حقاً لنحن شرّ من الحمير ، ثم حلف بالله أنه ما قال . وقال قتادة : نزلت في عبد الله بن ابي بن سلول حين قال { لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل } وقال الحسن : كان ذلك في جماعة من المنافقين . وقال الواقدي والزجاج : نزلت في اهل العقبة فانهم ائتمروا أن يغتالوا رسول الله في عقبة في الطريق عند مرجعهم من تبوك . وأرادوا ان يقطعوا اتساع راحلته ، واطلعه الله على ذلك . وكان ذلك من معجزاته صلى الله عليه وآله لأنه لا يمكن معرفة مثل ذلك إلا بوحي من الله تعالى ، فسار رسول الله في العقبة وحده وأمر الناس كلهم بسلوك بطن الوادي وكانوا اثني عشر رجلا أو خمسة عشر رجلا على الخلاف فيه . وعرفهم واحداً واحداً عمار بن ياسر وحذيفة ، وكان احدهما يقود ناقة رسول الله والآخر يسوقها ، والحديث مشروح في كتاب الواقدي . وقال ابو جعفر عليه السلام كانوا ثمانية من قريش واربعة من العرب وقوله { وهموا بما لم ينالوا } قيل فيه ثلاثة اقوال : احدها - قال مجاهد : هم المنافقون بما لم يبلغوه من التنفير برسول الله . الثاني - قال قتادة : هموا بما ذكر في قوله { ليخرجن الأعز منها الأذل } فلم يبلغوا ذلك . والثالث - عن مجاهد أنهم هموا بقتل من أنكر عليهم ذلك . وقال بعضهم : كان المنافقون قالوا : لو رجعنا وضعنا التاج على رأس عبد الله ابن ابي ، فلما اوقفوا على ذلك حلفوا بأنهم ما قالوا ذلك ولا هموا به ، فاخبر الله تعالى عن حالهم انهم يحلفون بالله ما قالوا ، ثم اقسم تعالى بانهم قالوا ذلك ، لان لام لقد لام القسم وانهم قالوا كلمة الكفر ، وهي كل كلمة فيها جحد لنعم الله او بلغت منزلتها في العظم ، وكانوا يطعنون في الاسلام والنبوة ، وأخبر انهم هموا بما لم يبلغوه . والهم مقاربة الفعل بتغليبه في النفس تقول : هم بالشيء يهم هماً ، ومنه قوله { ولقد همت به وهم بها لولا أن رءا } وليس الهم من العزم في شيء إلا ان يبلغ نهاية العزم في النفس . والنيل لحوق الأمر . ومنه قوله ( نال السيف ونال ما اشتهى او قدر او تمنى ) فهؤلاء قدّروا في انفسهم من كيد الاسلام ما لم يبلغوه . وقوله { وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله } يعني ما فتح الله عليهم من الفتوح وأخذ الغنائم واستغنوا بعد أن كانوا محتاجين وقيل في معناه قولان : احدهما - انهم عملوا بضد الواجب فجعلوا موضع شكر الغنى أن نقموا قال الشاعر : @ ما نقموا من بني أمية إلا انهم يحلمون ان غضبوا @@ والآخر - انهم بطروا النعمة بالغنى فنقموا بطراً واشراً فهم لا يفلحون بهذه الحال ولا بعدها . والفضل الزيادة في الخير على مقدار ما . والتفضل هو الزيادة من الخير الذي كان للقادر عليه ان يفعله وأن لا يفعله . ثم قال تعالى { فإن يتوبوا } هؤلاء المنافقون ويرجعوا إلى الحق { يك خيراً لهم } في دينهم ودنياهم فانهم ينالون بذلك رضى الله ورسوله والجنة { وإن يتولوا } اي يعرضوا عن الرجوع إلى الحق وسلوك الطريق الصحيح { يعذبهم الله عذاباً أليماً } اي مؤلماً { في الدنيا } بما ينالهم من الحسرة والغم وسوء الذكر وانواع المصائب وفي { الآخرة } بعذاب النار { وما لهم في الأرض } اي ليس لهم في الارض من ولي اي محب { ولا نصير } يعني من ينصرهم ويدفع عنهم عذاب الله . وقيل : إن خلاساً تاب بعد ذلك ، وقال : استثنى الله تعالى لي التوبة فقبل الله توبته .