Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 96, Ayat: 11-19)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
لما قال للنبي صلى الله عليه وآله { أرأيت الذي ينهى عبداً إذا صلى } بين ما ينبغي أن يقال له فانه يقال له { أرايت إن كان } هذا الذي صلى { على الهدى } والطريقة الصحيحة { أو أمر بالتقوى } أي بأن يتقي معاصي الله كيف يكون حال من ينهاه عن الصلاة ويزجره عنها ؟ ! ثم قال للنبي صلى الله عليه وآله { أرأيت إن كذب وتولى } بما يقال له وأعرض عن قبوله . والاصغاء اليه { ألم يعلم بأن الله يرى } أي يعلم ما يفعله ويدرك ما يصنعه ، فالهدى البيان عن الطريق المؤدي إلى الغرض الحكمي يقال : هداه إلى الحق في الدين يهديه هدى ، والعمل بالبيان عن طريق الرشد هدى ، وكذلك باللطف فيه . والتقوى تجنب ما يؤدي إلى الردى ، اتقاه اتقاء وتقوى والاصل وقياً . فابدلت الواو تاء ، والياء واواً ، لأن التاء أحسن أولا من الواو مع مناسبتها بالقرب وإمتناع المخرج ، والتقدير أرايت الذي فعل هذا الفعل ما الذى يستحق بذلك من الله من العقاب . ثم قال على وجه التهديد { كلا لئن لم ينته } عن هذا الفعل والقول { لنسفعاً بالناصية } أي لنغيرن بها إلى حال تشويه ، يقال : سفعته النار والشمس إذا غيرت وجهه إلى حال تشويه ، وقيل : هو أن يجر بناصيته إلى النار ، والناصية شعر مقدم الرأس . وهو من ناصى يناصي مناصاة إذا واصل قال الراجز : @ قيّ يناصيها بلاد قيّ @@ فالناصية متصلة بشعر الرأس . وقوله { ناصية } بدل من { الناصية } بدل النكرة من المعرفة ووصفها بأنها { كاذبة خاطئة } ومنعاه أن صاحبها كاذب فى اقواله خاطئ في أفعاله وأضاف الفعل اليها لما ذكر الخبر بها ، وقوله { فليدع ناديه } وعيد للذي قال : أنا اكثر هذا الوادي نادياً بأن قيل له { فليدع ناديه } إذا حل عقاب الله به . وقال ابو عبيدة : تقديره ، فليدع أهل ناديه ، كقوله { واسأل القرية } والنادى الفناء ومنه قوله { وتأتون في ناديكم المنكر } ثم قال { سندع } نحن { الزبانية } يعني الملائكة الموكلين بالنار - في قول ابن عباس وقتادة ومجاهد والضحاك - وقال ابو عبيدة : واحد الزبانية زبينة ، وقال الكسائي واحدهم زبني . وقال الاخفش : واحدهم زابن . وقيل : زبنية . ويجوز أن يكون اسماً للجمع مثل ابابيل ، والزبن الدفع ، والناقة تزبن الحالب أى تركضه برجلها ، وقال الشاعر : @ ومستعجب مما يرى من أناتنا ولوزبنته الحرب لم يترمرم @@ ثم قال { كلا } أى ارتدع وانزجر { فلا تطعه } أى لا تطع هذا الكافر ، فانه ليس الامر على ما يظن هذا الكافر وهو أبو جهل الذى نزلت الآيات فيه { واسجد } لله تعالى وأطعه { واقترب } من ثوابه بطاعته . وقيل : معناه تقرب اليه بطاعته دون الرياء والسمعة . والسجود - هنا - فرض وهو من العزائم ، وهي أربعة مواضع : ألم تنزيل ، وحم السجدة ، والنجم ، واقرأ باسم ربك . وما عداها في جميع القرآن مسنون ليس بمفروض . وفيه خلاف ذكرناه في الخلاف .