Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 99, Ayat: 1-8)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ عاصم في رواية أبان عنه { خيراً يره وشرّاً يره } بضم الياء فيهما بمعنى انه يريه غيره . الباقون بفتح الياء بمعنى أنه يراه ويبصره . وقرأ ابن عامر - في رواية هشام - وابن عامر والكسائي عن أبي بكر - بسكون الهاء - في قوله { خيراً يره ، وشراً يره } الباقون بالاشباع فيهما . قال ابو علي : الاشباع هو الأصل ، وهو الوجه ، كما تقول : اكرمهو ، وضربهو . وإنما يجوز إسكانها في الشعر . وقد حكى ابو الحسن أنها لغة رديئة فمن سكن فعلى هذه اللغة . وقرأ ابو جعفر من طريق ابن العلاف وروح - بضم الياء - من غير صلة بواو فيهما وقد بينا الوجه فيه . يقول الله تعالى مخوفاً لعباده أهوال يوم القيامة ومنذراً لهم بالآيات الباهرة بأن قال { إذا زلزلت الأرض زالزالها } فالزلزلة شدة الاضطراب بما يهدم البنيان زلزل يزلزل زلزالا ، فكأنه مكرر ( زل ، يزل ) للتكثير والتعظيم ، والزلزال - بكسر الزاي - المصدر ، وبالفتح الاسم . وقال الحسن : زلزلت ورجت ورجفت بمعنى واحد وقوله { وأخرجت الأرض أثقالها } قال ابن عباس ومجاهد : معناه أخرجت موتاها ، وأثقال الارض ما فيها مدفون من الموتى وغيرها ، فان الأرض تلفظ بكل ما فيها عند انقضاء أمر الدنيا ، وتجديد أمر الآخرة . وقوله { وقال الإنسان مالها } معناه يقول الانسان : أي شيء اصارها إلى هذه الحالة التي ترى بها ، يقول الانسان ذلك متعجباً من عظم شأنها وأنه لأمر عظيم لفظت بما فيها ، وتخلت من جميع الامور التي استودعها . وقوله { يومئذ تحدث أخبارها } قيل معناه يظهر بالدليل الذي يجعله الله فيها ما يقوم مقام اخبارها بأن أمر الدنيا قد انقضى وأمر الآخرة قد أتى ، وانه لا بد من الجزاء وأن الفوز لمن اتقى وأن النار لمن عصى . وقيل : معناه تحدث أخبارها بمن عصا عليها إما بأن يقلبها حيواناً قادراً على الكلام فتتكلم بذلك أو يحدث الله تعالى الكلام فيها ، ونسبه اليها مجازاً او يظهر فيها ما يقوم مقام الكلام فعبر عنه بالكلام ، كما قال الشاعر : @ امتلأ الحوض وقال قطني مهلا رويداً قد ملأت بطني @@ وقال آخر : @ وقالت له العينان سمعاً وطاعة @@ ويقولون عيناك تشهد لسهرك ، وغير ذلك مما قد مضى نظائره . وقال ابن مسعود : الارض تتكلم يومئذ ، فتقول أمرني الله بهذا . وقوله { بأن ربك أوحى لها } معناه إن الارض تحدث بهذا ، فتقول : إن ربك يا محمد أوحى اليها . قال العجاج : @ وحى لها القرار فاستقرت @@ أي أوحى اليها بمعنى القى اليها من جهة تخفى يقال : أوحى ووحى بمعنى واحد ، ثم قال تعالى { يومئذ يصدر الناس أشتاتاً ليروا أعمالهم } اخبار من الله تعالى بأن ذلك اليوم يصدر الناس أشتاتاً أي مختلفين { ليروا أعمالهم } أي ليجازوا على أعمالهم او ليريهم الله جزاء أعمالهم . وقيل : معنى رؤية الأعمال المعرفة بها عند تلك الحال ، وهي رؤية القلب ، ويجوز أن يكون التأويل على رؤية العين بمعنى ليروا صحائف أعمالهم يقرؤن ما فيها لقوله { وقالوا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها } وقيل ليروا جزاء اعمالهم حسب ما قدمناه . وقيل يرى الكافر حسناته فيتحسر عليها ، لانها محبطة ، ويرى المحسن سيئاته مكفرة وحسناته مثبتة ثم قال تعالى على وجه الوعيد { فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره } قال ابو عبيدة : مثقال ذرة شراً يره أي يرى ما يستحق عليه من العقاب ، ويمكن أن يستدل بذلك على بطلان الاحباط ، لان عموم الآية يدل أنه لا يفعل شيئاً من طاعة أو معصية إلا ويجازى عليها وعلى مذهب القائلين بالاحباط بخلاف ذلك ، فان ما يقع محبطاً لا يجازى عليه ولا يدل على أنه لا يجوز أن يعفى عن مرتكب كبيرة ، لأن الآية مخصوصة بلا خلاف ، لأنه ان تاب عفى عنه وقد شرطوا أن لا يكون معصية صغيرة ، فاذا شرطوا الامرين جاز أن نخص من يعفو الله عنه .