Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 101-101)
Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
في الآية مسائل : المسألة الأولى : قرأ عاصم وحمزة { قُلِ ٱنظُرُواْ } بكسر اللام لالتقاء الساكنين والأصل فيه الكسر ، والباقون بضمها نقلوا حركة الهمزة إلى اللام . المسألة الثانية : اعلم أنه تعالى لما بين في الآيات السالفة أن الإيمان لا يحصل إلا بتخليق الله تعالى ومشيئته ، أمر بالنظر والاستدلال في الدلائل حتى لا يتوهم أن الحق هو الجبر المحض . فقال : { قُلِ ٱنظُرُواْ مَاذَا فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ } . واعلم أن هذا يدل على مطلوبين : الأول : أنه لا سبيل إلى معرفة الله تعالى إلا بالتدبر في الدلائل كما قال عليه الصلاة والسلام : " " تفكروا في الخلق ولاتتفكروا في الخالق " " والثاني : وهو أن الدلائل إما أن تكون من عالم السموات أو من عالم الأرض ، أما الدلائل السماوية ، فهي حركات الأفلاك ومقاديرها وأوضاعها وما فيها من الشمس والقمر والكواكب ، وما يختص به كل واحد منها من المنافع والفوائد ، وأما الدلائل الأرضية ، فهي النظر في أحوال العناصر العلوية ، وفي أحوال المعادن وأحوال النبات وأحوال الإنسان خاصة ، ثم ينقسم كل واحد من هذه الأجناس إلى أنواع لا نهاية لها . ولو أن الإنسان أخذ يتفكر في كيفية حكمة الله سبحانه في تخليق جناح بعوضة لانقطع عقله قبل أن يصل إلى أقل مرتبة من مراتب تلك الحكم والفوائد . ولا شك أن الله سبحانه أكثر من ذكر هذه الدلائل في القرآن المجيد ، فلهذا السبب ذكر قوله : { قُلِ ٱنظُرُواْ مَاذَا فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ } ولم يذكر التفصيل ، فكأنه تعالى نبه على القاعدة الكلية ، حتى أن العاقل يتنبه لأقسامها وحينئذ يشرع في تفصيل حكمة كل واحد منها بقدر القوة العقلية والبشرية ، ثم إنه تعالى لما أمر بهذا التفكر والتأمل بين بعد ذلك أن هذا التفكر والتدبر في هذه الآيات لا ينفع في حق من حكم الله تعالى عليه في الأزل بالشقاء والضلال ، فقال : { وَمَا تُغْنِى ٱلآيَـٰتُ وَٱلنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ } وفيه مسائل : المسألة الأولى : قال النحويون : { مَا } في هذا الموضع تحتمل وجهين : الأول : أن تكون نفياً بمعنى أن هذه الآيات والنذر لا تفيد الفائدة في حق من حكم الله عليه بأنه لا يؤمن ، كقولك : ما يغني عنك المال إذا لم تنفق . والثاني : أن تكون استفهاماً كقولك : أي شيء يغني عنهم ، وهو استفهام بمعنى الإنكار . المسألة الثانية : الآيات هي الدلائل ، والنذر الرسل المنذرون أو الإنذارات . المسألة الثالثة : قرىء { وَمَا يُغْنِى } بالياء من تحت .