Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 100, Ayat: 11-11)
Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
اعلم أن فيه سؤالات : الأول : أنه يوهم أن علمه بهم في ذلك اليوم إنما حصل بسبب الخبرة ، وذلك يقتضي سبق الجهل وهو على الله تعالى محال : الجواب من وجهين أحدهما : كأنه تعالى يقول : إن من لم يكن عالماً ، فإنه يصير بسبب الاختبار عالماً ، فمن كان لم يزل عالماً أن يكون خبيراً بأحوالك ! وثانيهما : أن فائدة تخصيص ذلك الوقت في قوله : { يَوْمَئِذٍ } مع كونه عالماً لم يزل أنه وقت الجزاء ، وتقريره لمن الملك كأنه يقول : لا حاكم يروج حكمه ولا عالم تروج فتواه يومئذ إلا هو ، وكم عالم لا يعرف الجواب وقت الواقعة ثم يتذكره بعد ذلك ، فكأنه تعالى يقول : لست كذلك . السؤال الثاني : لم خص أعمال القلوب بالذكر في قوله : { وَحُصّلَ مَا فِى ٱلصُّدُورِ } وأهمل ذكر أعمال الجوارح ؟ الجواب : لأن أعمال الجوارح تابعة لأعمال القلب . فإنه لولا البواعث والإرادات في القلوب لما حصلت أفعال الجوارح ، ولذلك إنه تعالى جعلها الأصل في الذم ، فقال : { آثم قَلْبُهُ } [ البقرة : 283 ] والأصل في المدح ، فقال : { وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ } [ الأنفال : 2 ] . السؤال الثالث : لم قال : { وَحُصّلَ مَا فِى ٱلصُّدُورِ } ولم يقل : وحصل ما في القلوب ؟ الجواب : لأن القلب مطية الروح وهو بالطبع محب لمعرفة الله وخدمته ، إنما المنازع في هذا الباب هو النفس ومحلها ما يقرب من الصدر ، ولذلك قال : { يُوَسْوِسُ فِى صُدُورِ ٱلنَّاسِ } [ الناس : 5 ] وقال : { أَفَمَن شَرَحَ ٱللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلَـٰمِ } [ الزمر : 22 ] فجعل الصدر موضعاً للإسلام . السؤال الرابع : الضمير في قوله : { إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ } عائد إلى الإنسان وهو واحد والجواب : الإنسان في معنى الجمع كقوله تعالى : { إِنَّ ٱلإنسَـٰنَ لَفِي خُسْرٍ } [ العصر : 2 ] ثم قال : { إِلاَّ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ } [ العصر : 3 ] ولولا أنه للجمع وإلا لما صح ذلك . واعلم أنه بقي من مباحث هذه الآية مسألتان : المسألة الأولى : هذه الآية تدل على كونه تعالى عالماً بالجزئيات الزمانيات ، لأنه تعالى نص على كونه عالماً بكيفية أحوالهم في ذلك اليوم فيكون منكره كافراً . المسألة الثانية : نقل أن الحجاج سبق على لسانه أن بالنصب ، فأسقط اللام من قوله : { لَّخَبِيرٌ } حتى لا يكون الكلام لحناً ، وهذا يذكر في تقرير فصاحته ، فزعم بعض المشايخ أن هذا كفر لأنه قصد لتغيير المنزل . ونقل عن أبي السماءل أنه قرأ على هذا الوجه ، والله سبحانه وتعالى أعلم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .