Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 106, Ayat: 3-3)
Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هَـٰذَا ٱلْبَيْتِ } اعلم أن الإنعام على قسمين أحدهما : دفع الضرر والثاني : جلب النفع والأول أهم وأقدم ، ولذلك قالوا : دفع الضرر عن النفس واجب أما جلب النفع فإنه غير واجب ، فلهذا السبب بين تعالى نعمة دفع الضرر في سورة الفيل ونعمة جلب النفع في هذه السورة ، ولما تقرر أن الإنعام لا بد وأن يقابل بالشكر والعبودية ، لا جرم أتبع ذكر النعمة بطلب العبودية فقال : { فَلْيَعْبُدُواْ } وههنا مسائل : المسألة الأولى : ذكرنا أن العبادة هي التذلل والخضوع للمعبود على غاية ما يكون . ثم قال بعضهم : أراد فليوحدوا رب هذا البيت لأنه هو الذي حفظ البيت دون الأوثان ، ولأن التوحيد مفتاح العبادات ، ومنهم من قال : المراد العبادات المتعلقة بأعمال الجوارح ثم ذكر كل قسم من أقسام العبادات ، والأولى حمله على الكل لأن اللفظ متناول للكل إلا ما أخرجه الدليل ، وفي الآية وجه آخر ، وهو أن يكون معنى فليعبدوا أي فليتركوا رحلة الشتاء والصيف وليشتغلوا بعبادة رب هذا البيت فإنه يطعمهم من جوع ويؤمنهم من خوف ، ولعل تخصيص لفظ الرب تقرير لما قالوه لأبرهة : إن للبيت رباً سيحفظه ، ولم يعولوا في ذلك على الأصنام فلزمهم لإقرارهم أن لا يعبدوا سواه ، كأنه يقول : لما عولتم في الحفظ علي فاصرفوا العبادة والخدمة إلي . المسألة الثانية : الإشارة إلى البيت في هذا النظم تفيد التعظيم فإنه سبحانه تارة أضاف العبد إلى نفسه فيقول : { يا عبادي } [ العنكبوت : 56 ] وتارة يضيف نفسه إلى العبد فيقول : { وإلهكم } [ البقرة : 163 ] كذا في البيت تارة يضيف نفسه إلى البيت وهو قوله : { فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هَـٰذَا ٱلْبَيْتِ } وتارة يضيف البيت إلى نفسه فيقول : { طَهّرَا بَيْتِىَ } [ البقرة : 125 ]