Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 28-28)
Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
في الآية مسائل : المسألة الأولى : اعلم أنه تعالى لما حكى شبهات منكري نبوة نوح عليه الصلاة والسلام حكى بعده ما يكون جواباً عن تلك الشبهات . فالشبهة الأولى : قولهم : { مَا أَنتَ إِلاَّ بَشَرٌ مّثْلُنَا } فقال نوح حصول المساواة في البشرية لا يمنع من حصول المفارقة في صفة النبوة والرسالة ، ثم ذكر الطريق الدال على إمكانه ، فقال : { أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيّنَةٍ مّن رَّبّى } من معرفة ذات الله وصفاته وما يجب وما يمتنع وما يجوز عليه ، ثم إنه تعالى أتاني رحمة من عنده ، والمراد بتلك الرحمة إما النبوة وإما المعجزة الدالة على النبوة { فَعُمّيَتْ عَلَيْكُمْ } أي صارت مظنة مشتبهة ملتبسة في عقولكم ، فهل أقدر على أن أجعلكم بحيث تصلون إلى معرفتها شئتم أم أبيتم ؟ والمراد أني لا أقدر على ذلك ألبتة ، وعن قتادة : والله لو استطاع نبي الله لألزمها ولكنه لم يقدر عليه ، وحاصل الكلام أنهم لما قالوا : { وَمَا نَرَىٰ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ } [ هود : 27 ] ذكر نوح عليه السلام أن ذلك بسبب أن الحجة عميت عليكم واشتبهت ، فأما لو تركتم العناد واللجاج ونظرتم في الدليل لظهر المقصود ، وتبين أن الله تعالى آتانا عليكم فضلاً عظيماً . المسألة الثانية : قرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم { فَعُمّيَتْ عَلَيْكُمْ } بضم العين وتشديد الميم على ما لم يسم فاعله ، بمعنى ألبست وشبهت والباقون بفتح العين مخففة الميم ، أي التبست واشتبهت . واعلم أن الشيء إذا بقي مجهولاً محضاً أشبه المعمي ، لأن العلم نور البصيرة الباطنة والأبصار نور البصر الظاهر فحسن جعل كل واحد منها مجازاً عن الآخر وتحقيقه أن البينة توصف بالأبصار قال تعالى : { فَلَمَّا جَاءتْهُمْ ءايَـٰتُنَا مُبْصِرَةً } [ النمل : 13 ] وكذلك توصف بالعمى ، قال تعالى : { فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ ٱلأَنبَـاء } [ القصص : 66 ] وقال في هذه الآية : { فَعُمّيَتْ عَلَيْكُمْ } . المسألة الثالثة : { أَنُلْزِمُكُمُوهَا } فيه ثلاث مضمرات : ضمير المتكلم وضمير الغائب وضمير المخاطب ، وأجاز الفراء إسكان الميم الأولى ، وروي ذلك عن أبي عمرو قال : وذلك أن الحركات توالت فسكنت الميم وهي أيضاً مرفوعة وقبلها كسرة والحركة التي بعدها ضمة ثقيلة ، قال الزجاج : جميع النحويين البصريين لا يجيزون إسكان حرف الإعراب إلا في ضرورة الشعر وما يروى عن أبي عمرو فلم يضبطه عنه الفراء ، وروي عن سيبويه أنه كان يخفف الحركة ويختلسها ، وهذا هو الحق وإنما يجوز الإسكان في الشعر كقول امرىء القيس :