Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 87-87)
Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
في الآية مسائل : المسألة الأولى : قرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم { أصلاتك } بغير واو . والباقون { أَصَلَوٰتُكَ } على الجمع . المسألة الثانية : اعلم أن شعيباً عليه السلام أمرهم بشيئين ، بالتوحيد وترك البخس فالقوم أنكروا عليه أمره بهذين النوعين من الطاعة ، فقوله : { أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ ءابَاؤُنَا } إشارة إلى أنه أمرهم بالتوحيد وقوله : { أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء } إشارة إلى أنه أمرهم بترك البخس . أما الأول : فقد أشاروا فيه إلى التمسك بطريقة التقليد ، لأنهم استبعدوا منه أن يأمرهم بترك عبادة ما كان يعبد آباؤهم يعني الطريقة التي أخذناها من آبائنا وأسلافنا كيف نتركها ، وذلك تمسك بمحض التقليد . المسألة الثالثة : في لفظ الصلاة وههنا قولان : الأول : المراد منه الدين والإيمان ، لأن الصلاة أظهر شعار الدين فجعلوا ذكر الصلاة كناية عن الدين ، أو نقول : الصلاة أصلها من الإتباع ومنه أخذ المصلي من الخيل الذي يتلو السابق لأن رأسه يكون على صلوى السابق وهما ناحيتا الفخذين والمراد : دينك يأمرك بذلك . والثاني : أن المراد منه هذه الأعمال المخصوصة ، روي أن شعيباً كان كثير الصلاة وكان قومه إذا رأوه يصلي تغامزوا وتضاحكوا ، فقصدوا بقولهم : أصلاتك تأمرك السخرية والهزؤ ، وكما أنك إذا رأيت معتوهاً يطالع كتباً ثم يذكر كلاماً فاسداً فيقال له : هذا من مطالعة تلك الكتب على سبيل الهزؤ والسخرية فكذا ههنا . فإن قيل : تقدير الآية : أصلواتك تأمرك أن نفعل في أموالنا ما نشاء وهم إنما ذكروا هذا الكلام على سبيل الإنكار ، وهم ما كانوا ينكرون كونهم فاعلين في أموالهم ما يشاؤن ، فكيف وجه التأويل . قلنا : فيه وجهان : الأول : التقدير : أصلواتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا وأن نترك فعل ما نشاء ، وعلى هذا فقوله : { أَوْ أَن نَّفْعَلَ } معطوف على ما في قوله : { مَا يَعْبُدُ ءابَاؤُنَا } والثاني : أن تجعل الصلاة آمرة وناهية والتقدير : أصلواتك تأمرك بأن نترك عبادة الأوثان وتنهاك أن نفعل في أموالنا ما نشاء ، وقرأ ابن أبي عبلة { أَوْ أَن تَفْعَلْ فِى أَمْوَالِنَا مَا تَشَاء } بتاء الخطاب فيهما وهو ما كان يأمرهم به من ترك التطفيف والبخس والاقتناع بالحلال القليل وأنه خير من الحرام الكثير . ثم قال تعالى حكاية عنهم : { إِنَّكَ لأَنتَ ٱلْحَلِيمُ ٱلرَّشِيدُ } وفيه وجوه : الوجه الأول : أن يكون المعنى إنك لأنت السفيه الجاهل إلا أنهم عكسوا ذلك على سبيل الاستهزاء والسخرية به ، كما يقال للبخيل الخسيس لو رآك حاتم لسجد لك . والوجه الثاني : أن يكون المراد إنك موصوف عند نفسك وعند قومك بالحلم والرشد . والوجه الثالث : أنه عليه السلام كان مشهوراً عندهم بأنه حليم رشيد ، فلما أمرهم بمفارقة طريقتهم قالوا له : إنك لأنت الحليم الرشيد المعروف الطريقة في هذا الباب ، فكيف تنهانا عن دين ألفيناه من آبائنا وأسلافنا ، والمقصود استبعاد مثل هذا العمل ممن كان موصوفاً بالحلم والرشد ، وهذا الوجه أصوب الوجوه .