Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 1-2)

Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقد ذكرنا في أول سورة يونس تفسير : { الر تِلْكَ ءايَـٰتُ ٱلْكِتَـٰبِ ٱلْحَكِيمِ } [ يونس : 1 ] فقوله : { تِلْكَ } إشارة إلى آيات هذه السورة أي تلك الآيات التي أنزلت إليك في هذه السورة المسماة { الر } هي { ٱلْكِتَـٰبِ ٱلْمُبِينِ إِنَّا } وهو القرآن ، وإنما وصف القررن بكونه مبيناً لوجوه : الأول : أن القرآن معجزة قاهرة وآية بينة لمحمد صلى الله عليه وسلم . والثاني : أنه بين فيه الهدى والرشد ، والحلال والحرام ، ولما بينت هذه الأشياء فيه كان الكتاب مبيناً لهذه الأشياء . الثالث : أنه بينت فيه قصص الأولين وشرحت فيه أحوال المتقدمين . ثم قال : إنا أنزلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون وفيه مسائل : المسألة الأولى : روي أن علماء اليهود قالوا لكبراء المشركين ، سلوا محمداً لم انتقل آل يعقوب من الشام إلى مصر ، وعن كيفية قصة يوسف ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، وذكر فيها أنه تعالى عبر عن هذه القصة بألفاظ عربية ، ليتمكنوا من فهمها ويقدروا على تحصيل المعرفة بها . والتقدير : إنا أنزلنا هذا الكتاب الذي فيه قصة يوسف في حال كونه قرآناً عربياً ، وسمى بعض القرآن قرآناً ، لأن القرآن اسم جنس يقع على الكل والبعض . المسألة الثانية : احتج الجبائي بهذه الآية على كون القرآن مخلوقاً من ثلاثة أوجه : الأول : أن قوله : { إنا أنزلناه } يدل عليه ، فإن القديم لا يجوز تنزيله وإنزاله وتحويله من حال إلى حال ، الثاني : أنه تعالى وصفه بكونه عربياً والقديم لا يكون عربياً ولا فارسياً . الثالث : أنه لما قال : { إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْانًا عَرَبِيّا } دل على أنه تعالى كان قادراً على أن ينزله لا عربياً ، وذلك يدل على حدوثه . الرابع : أن قوله : { تِلْكَ ءايَـٰتُ ٱلْكِتَـٰبِ } يدل على أنه مركب من الآيات والكلمات ، وكل ما كان مركباً كان محدثاً . والجواب عن هذه الوجوه بأسرها أن نقول : إنها تدل على أن المركب من الحروف والكلمات والألفاظ والعبارات محدث وذلك لا نزاع فيه ، إنما الذي ندعي قدمه شيء آخر فسقط هذا الاستدلال . المسأل الثالثة : احتج الجبائي بقوله : { لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } فقال : كلمة « لعل » يجب حملها على الجزم والتقدير : إنا أنزلناه قرآناً عربياً لتعقلوا معانيه في أمر الدين ، إذ لا يجوز أن يراد بلعلكم تعقلون ؟ الشك لأنه على الله محال ، فثبت أن المراد أنه أنزله لإرادة أن يعرفوا دلائله ، وذلك يدل على أنه تعالى أراد من كل العباد أن يعقلوا توحيده وأمر دينه ، من عرف منهم ، ومن لم يعرف ، بخلاف قول المجبرة . والجواب : هب أن الأمر ما ذكرتم إلا أنه يدل على أنه تعالى أنزل هذه السورة ، وأراد منهم معرفة كيفية هذه القصة ولكن لم قلتم إنها تدل على أنه تعالى أراد من الكل الإيمان والعمل الصالح .