Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 68-68)
Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قال المفسرون : لما قال يعقوب : { وَمَا أُغْنِى عَنكُمْ مّنَ ٱللَّهِ مِن شَىْء } [ يوسف : 67 ] صدقه الله في ذلك فقال : وما كان ذلك التفرق يغني من الله من شيء وفيه بحثان : البحث الأول : قال ابن عباس رضي الله عنهما : ذلك التفرق ما كان يرد قضاء الله ولا أمراً قدره الله . وقال الزجاج : إن العين لو قدر أن تصيبهم لأصابتهم وهم متفرقون كما تصيبهم وهم مجتمعون . وقال ابن الأنباري : لو سبق في علم الله أن العين تهلكهم عند الاجتماع لكان تفرقهم كاجتماعهم ، وهذه الكلمات متقاربة ، وحاصلها أن الحذر لا يدفع القدر . البحث الثاني : قوله : { مِن شَىْء } يحتمل النصب بالمفعولية والرفع بالفاعلية . أما الأول : فهو كقوله : ما رأيت من أحد ، والتقدير : ما رأيت أحداً ، فكذا ههنا تقدير الآية : أن تفرقهم ما كان يغني من قضاء الله شيئاً ، أي ذلك التفرق ما كان يخرج شيئاً من تحت قضاء الله تعالى . وأما الثاني : فكقولك : ما جاءني من أحد ، وتقديره ما جاءني أحد فكذا ههنا التقدير : ما كان يغني عنهم من الله شيء مع قضائه . أما قوله : { إِلاَّ حَاجَةً فِى نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا } فقال الزجاج : إنه استثناء منقطع ، والمعنى : لكن حاجة في نفس يعقوب قضاها ، يعني أن الدخول على صفة التفرق قضاء حاجة في نفس يعقوب قضاها ، ثم ذكروا في تفسير تلك الحاجة وجوهاً : أحدها : خوفه عليهم من إصابة العين ، وثانيها : خوفه عليهم من حسد أهل مصر ، وثالثها : خوفه عليهم من أن يقصدهم ملك مصر بشر ، ورابعها : خوفه عليهم من أن لا يرجعوا إليه ، وكل هذه الوجوه متقاربة . وأما قوله : { وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لّمَا عَلَّمْنَاهُ } فقال الواحدي : يحتمل أن يكون { مَا } مصدرية والهاء عائدة إلى يعقوب ، والتقدير : وإنه لذو علم من أجل تعليمنا إياه ، ويمكن أن تكون { مَا } بمعنى الذي والهاء عائدة إليها ، والتأويل وإنه لذو علم للشيء الذي علمناه ، يعني أنا لما علمناه شيئاً حصل له العلم بذلك الشيء وفي الآية قولان آخران : الأول : أن المراد بالعلم الحفظ ، أي أنه لذو حفظ لما علمناه ومراقبة له والثاني : لذو علم لفوائد ما علمناه وحسن آثاره وهو إشارة إلى كونه عاملاً بما علمه ، ثم قال : { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } وفيه وجهان : الأول : ولكن أكثر الناس لا يعلمون مثل ما علم يعقوب . والثاني : لا يعلمون أن يعقوب بهذه الصفة والعلم ، والمراد بأكثر الناس المشركون ، فإنهم لا يعلمون بأن الله كيف أرشد أولياءه إلى العلوم التي تنفعهم في الدنيا والآخرة .