Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 15, Ayat: 97-99)

Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اعلم أنه تعالى لما ذكر أن قومه يسفهون عليه ولا سيما أولئك المقتسمون وأولئك المستهزؤون قال له : { وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ } لأن الجبلة البشرية والمزاج الإنساني يقتضي ذلك فعند هذا قال له : { فَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ } فأمره بأربعة أشياء بالتسبيح والتحميد والسجود والعبادة واختلف الناس في أنه كيف صار الإقبال على هذه الطاعات سبباً لزوال ضيق القلب والحزن ؟ فقال العارفون المحققون إذا اشتغل الإنسان بهذه الأنواع من العبادات انكشفت له أضواء عالم الربوبية ، ومتى حصل ذلك الإنكشاف صارت الدنيا بالكلية حقيرة ، وإذا صارت حقيرة خف على القلب فقدانها ووجدانها فلا يستوحش من فقدانها ولا يستريح بوجدانها ، وعند ذلك يزول الحزن والغم . وقالت المعتزلة : من اعتقد تنزيه الله تعالى عن القبائح سهل عليه تحمل المشاق ، فإنه يعلم أنه عدل منزه عن إنزال المشاق به من غير غرض ولا فائدة فحينئذ يطيب قلبه ، وقال أهل السنة : إذا نزل بالعبد بعض المكاره فزع إلى الطاعات كأنه يقول : تجب على عبادتك سواء أعطيتني الخيرات أو ألقيتني في المكروهات ، وقوله : { وَٱعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ ٱلْيَقِينُ } قال ابن عباس رضي الله عنهما : يريد الموت وسمي الموت باليقين لأنه أمر متيقن . فإن قيل : فأي فائدة لهذا التوقيت مع أن كل أحد يعلم أنه إذا مات سقطت عنه العبادات ؟ قلنا : المراد منه : { وَٱعْبُدْ رَبَّكَ } في زمان حياتك ولا تخل لحظة من لحظات الحياة عن هذه العبادة ، والله أعلم .