Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 22, Ayat: 3-4)
Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وفيه مسائل : المسألة الأولى : في كيفية النظم وجهان : الأول : أخبر تعالى فيما تقدم عن أهوال يوم القيامة وشدتها ، ودعا الناس إلى تقوى الله . ثم بين في هذه الآية قوماً من الناس الذين ذكروا في الأول . وأخبر عن مجادلتهم الثاني : أنه تعالى بين أنه مع هذا التحذير الشديد بذكر زلزلة الساعة وشدائدها ، فإن من الناس من يجادل في الله بغير علم ، ثم في قوله : { وَمِنَ ٱلنَّاسِ } وجهان : الأول : أنهم الذين ينكرون البعث ، ويدل عليه قوله : { أَوَ لَمْ يَرَ ٱلإِنسَـٰنُ أَنَّا خَلَقْنَـٰهُ مِن نُّطْفَةٍ } [ يس : 77 ] إلى آخر الآية . وأيضاً فإن ما قبل هذه الآية وصف البعث وما بعدها في الدلالة على البعث ، فوجب أن يكون المراد من هذه المجادلة هو المجادلة في البعث والثاني : أنها نزلت في النضر بن الحرث ، كان يكذب بالقرآن ويزعم أنه أساطير الأولين ، ويقول ما يأتيكم به محمد كما كنت أحدثكم به عن القرون الماضية وهو قول ابن عباس رضي الله عنهما . المسألة الثانية : هذه الآية بمفهومها تدل على جواز المجادلة الحقة ، لأن تخصيص المجادلة مع عدم العلم بالدلائل يدل على أن المجادلة مع العلم جائزة ، فالمجادلة الباطلة هي المراد من قوله : { مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلاَ } [ الزخرف : 58 ] والمجادلة الحقة هي المراد من قوله : { وَجَـٰدِلْهُم بِٱلَّتِى هِىَ أَحْسَنُ } [ النحل : 125 ] . المسألة الثالثة : في قوله : { وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَـٰنٍ مَّرِيدٍ } قولان : أحدهما : يجوز أن يريد شياطين الإنس وهم رؤساء الكفار الذين يدعون من دونهم إلى الكفر والثاني : أن يكون المراد بذلك إبليس وجنوده ، قال الزجاج المريد والمارد المرتفع الأملس ، يقال صخرة مرداء أي ملساء ، ويجوز أن يستعمل في غير الشيطان إذا جاوز حد مثله . أما قوله : { كُتِبَ عَلَيْهِ } ففيه وجهان : أحدهما : أن الكتبة عليه مثل أي كأنما كتب إضلال من عليه ورقم به لظهور ذلك في حاله والثاني : كتب عليه في أم الكتاب ، واعلم أن هذه الهاء بعد ذكر من يجادل وبعد ذكر الشيطان ، يحتمل أن يكون راجعاً إلى كل واحد منهما ، فإن رجع إلى من / يجادل فإنه يرجع إلى لفظه الذي هو موحد ، فكأنه قال كتب على من يتبع الشيطان أنه من تولى الشيطان أضله عن الجنة وهداه إلى النار . وذلك زجر منه تعالى فكأنه تعالى قال كتب على من هذا حاله أنه يصير أهلاً لهذا الوعيد ، فإن رجع إلى الشيطان كان المعنى ويتبع كل شيطان مريد قد كتب عليه أنه من يقبل منه فهو في ضلال . وعلى هذا الوجه أيضاً يكون زجراً عن اتباعه ، وفي الآية مسائل : المسألة الأولى : قال القاضي عبد الجبار إذا قيل المراد بقوله : { كُتِبَ عَلَيْهِ } قضى عليه فلا جائز أن يرد إلا إلى من يتبع الشيطان ، لأنه تعالى لا يجوز أن يقضي على الشيطان أنه يضل ، ويجوز أن يقضي على من يقبله بقوله ، قد أضله عن الجنة وهداه إلى النار . قال أصحابنا رحمهم الله لما كتب ذلك عليه فلو لم يقع لانقلب خبر الله الصدق كذباً ، وذلك محال ومستلزم المحال محال ، فكان لا وقوعه محالاً . المسألة الثانية : دلت الآية على أن المجادل في الله إن كان لا يعرف الحق فهو مذموم معاقب ، فيدل على أن المعارف ليست ضرورية . المسألة الثالثة : قال القاضي فيه دلالة على أن المجادلة في الله ليست من خلق الله تعالى وبإرادته ، وإلا لما كانت مضافة إلى اتباع الشيطان ، وكان لا يصح القول بأن الشيطان يضله بل كان الله تعالى قد أضله والجواب : المعارضة بمسألة العلم وبمسألة الداعي . المسألة الرابعة : قرىء أنه بالفتح والكسر فمن فتح فلأن الأول فاعل كتب والثاني عطف عليه ، ومن كسر فعلى حكاية المكتوب كما هو كأنما كتب عليه هذا الكلام ، كما يقول كتبت أن الله هو الغني الحميد ، أو على تقدير قيل أو على أن كتب فيه معنى القول .