Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 22, Ayat: 47-49)

Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

إعلم أنه تعالى لما حكى من عظم ما هم عليه من التكذيب أنهم يستهزئون باستعجال العذاب فقال : { وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلْعَذَابِ } وفي ذلك دلالة على أنه عليه السلام كان يخوفهم بالعذاب إن استمروا على كفرهم ولأن قولهم : { لَّوْ مَا تَأْتِينَا بِٱلْمَلَـئِكَةِ } [ الحجر : 7 ] يدل على ذلك فقال تعالى : { وَلَن يُخْلِفَ ٱللَّهُ وَعْدَهُ } لأن الوعد بالعذاب إذا كان في الآخرة دون الدنيا فاستعجاله يكون كالخلف ثم بين أن العاقل لا ينبغي أن يستعجل عذاب الآخرة فقال : { وَإِنَّ يَوْماً عِندَ رَبّكَ } يعني فيما ينالهم من العذاب وشدته { كَأَلْفِ سَنَةٍ } لو بقي وعذب في كثرة الآلام وشدتها فبين سبحانه أنهم لو عرفوا حال عذاب الآخرة وأنه بهذا الوصف لما استعجلوه ، وهذا قول أبي مسلم وهو أولى الوجوه : الوجه الثاني : أن المراد طول أيام الآخرة في المحاسبة ويرجع معناه إلى قريب مما تقدم ، وذلك أن الأيام القصيرة إذا مرت في الشدة كانت مستطيلة فكيف تكون الأيام المستطيلة إذا مرت في الشدة . ثم إن العذاب الذي يكون طول أيامها إلى هذا الحد لا ينبغي للعاقل أن يستعجله والوجه الثالث : أن اليوم الواحد وألف سنة بالنسبة إليه على السواء لأنه القادر الذي لا يعجزه شيء ، فإذا لم يستبعدوا إمهال يوم فلا يستبعدوا أيضاً إمهال ألف سنة . أما قوله : { وَكَأَيِّن مّن قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَـٰلِمَةٌ } فالمراد وكم من قرية أخرت إهلاكهم مع استمرارهم على ظلمهم فاغتروا بذلك التأخير ثم أخذتهم بأن أنزلت العذاب بهم ، ومع ذلك فعذابهم مدخر إذا صاروا إلي وهو تفسير قوله : { وَإِلَىَّ ٱلْمَصِيرُ } فإن قيل فلم قال فيما قبل { فَكَأَيِّن مّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَـٰهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ } [ الحج : 45 ] وقال ههنا : { وَكَأَيِّن مّن قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا } الأولى بالفاء وهذه بالواو ؟ قلنا : الأولى وقعت بدلاً عن قوله : { فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ } [ الحج : 44 ] وأما هذه فحكمها حكم ما تقدمها من الجملتين المعطوفتين بالواو ، أعني قوله : { وَلَن يُخْلِفَ ٱللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْماً عِندَ رَبّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مّمَّا تَعُدُّونَ } . أما قوله : { قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّمَا أَنَاْ لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } فالمعنى أنه تعالى أمر رسوله بأن يديم لهم التخويف والإنذار ، وأن لا يصده ما يكون منهم من الاستعجال للعذاب على سبيل الهزؤ عن إدامة التخويف والإنذار ، وأن يقول لهم إنما بعثت للإنذار فاستهزاؤكم بذلك لا يمنعني منه .