Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 23, Ayat: 84-90)
Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
اعلم أنه يمكن أن يكون المقصود من هذه الآيات الرد على منكري الإعادة وأن يكون المقصود الرد على عبدة الأوثان ، وذلك لأن القوم كانوا مقرين بالله تعالى فقالوا نعبد الأصنام لتقربنا إلى الله زلفى ، ثم إنه سبحانه احتج عليهم بأمور ثلاثة : أحدها : قوله : { قُل لِّمَنِ ٱلأَرْضُ وَمَن فِيهَا } ووجه الاستدلال به على الإعادة أنه تعالى لما كان خلقاً للأرض ولمن فيها من الأحياء ، وخالقاً لحياتهم وقدرتهم وغيرها ، فوجب أن يكون قادراً على أن يعيدهم بعد أن أفناهم . ووجه الاستدلال به على نفي عبادة الأوثان ، من حيث إن عبادة من خلقكم وخلق الأرض وكل ما فيها من النعم هي الواجبة دون عبادة ما لا يضر ولا ينفع ، وقوله : { أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ } معناه الترغيب في التدبر ليعلموا بطلان ما هم عليه وثانيها : قوله : { مَن رَّبُّ ٱلسَّمَـٰوَاتِ ٱلسَّبْعِ وَرَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْعَظِيمِ } ووجه الاستدلال على الأمرين كما تقدم ، وإنما قال : { أَفَلاَ تَتَّقُونَ } تنبيهاً على أن اتقاء عذاب الله لا يحصل إلا بترك عبادة الأوثان والاعتراف بجواز الإعادة وثالثها : قوله تعالى : { قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلّ شَيْءٍ } . إعلم أنه سبحانه لما ذكر الأرض أولاً والسماء ثانياً عمم الحكم ههنا ، فقال من بيده ملكوت كل شيء ، ويدخل في الملكوت الملك والملك على سبيل المبالغة ، وقوله : { وَهُوَ يُجْيِرُ وَلاَ يُجَارُ عَلَيْهِ } يقال أجرت فلاناً على فلان إذا أغثته منه ومنعته . يعني وهو يغيث من يشاء ممن يشاء ، ولا يغيث أحد منه أحداً . أما قوله تعالى : { فَأَنَّىٰ تُسْحَرُونَ } فالمعنى أنى تخدعون عن توحيده وطاعته ، والخادع هو الشيطان والهوى . ثم بين تعالى بقوله : { بَلْ أَتَيْنَـٰهُمْ بِٱلْحَقّ } أنه قد بالغ في الحجاج عليهم بهذه الآيات وغيرها وهم مع ذلك كاذبون ، وذلك كالتوعد والتهديد ، وقرىء أتيتهم ، وأتيتهم بالضم والفتح وههنا سؤالات : السؤال الأول : قرىء { قُل لِلَّهِ } في الجواب الأول باللام لا غير ، وقرىء الله في الأخيرين بغير اللام في مصاحف أهل الحرمين والكوفة والشام وباللام في مصاحف أهل البصرة فما الفرق ؟ الجواب : لا فرق في المعنى ، لأن قولك من ربه ، ولمن هو ؟ في معنى واحد . السؤال الثاني : كيف قال : { إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } ثم حكى عنهم سيقولون الله وفيه تناقض ؟ الجواب : لا تناقض لأن قوله : { إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } لا ينفي عملهم بذلك . وقد يقال مثل ذلك في الحجاج على وجه التأكيد لعلمهم والبعث على اعترافهم بما يورد من ذلك .