Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 26, Ayat: 203-209)
Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
اعلم أنه تعالى لما بين أنهم لا يؤمنون به حتى يروا العذاب الأليم ، وأنه يأتيهم العذاب بغتة أتبعه بما يكون منهم عند ذلك على وجه الحسرة فقال : { فَيَقُولُواْ هَلْ نَحْنُ مُنظَرُونَ } كما يستغيث المرء عند تعذر الخلاص ، لأنهم يعلمون في الآخرة أن لا ملجأ ، لكنهم يذكرون ذلك استرواحاً . فأما قوله تعالى : { أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ } فالمراد أنه تعالى بين أنهم كانوا في الدنيا يستعجلون العذاب ، مع أن حالهم عند نزول العذاب طلب النظرة ليعرف تفاوت الطريقين فيعتبر به ، ثم بين تعالى أن استعجال العذاب على وجه التكذيب إنما يقع منهم ليتمتعوا في الدنيا ، إلا أن ذلك جهل ، وذلك لأن مدة التمتع في الدنيا متناهية قليلة ، ومدة العذاب الذي يحصل بعد ذلك غير متناهية ، وليس في العقل ترجيح لذات متناهية قليلة على آلام غير متناهية ، وعن ميمون بن مهران أنه لقي الحسن في الطواف ، فقال له عظني ، فلم يزد على تلاوة هذه الآية ، فقال ميمون : لقد وعظت فأبلغت ، وقرىء { يُمَتَّعُونَ } بالتخفيف ، ثم بين أنه لم يهلك قرية إلا وهناك نذير يقيم عليهم الحجة . أما قوله تعالى : { ذِكْرِى } فقال صاحب « الكشاف » : ذكرى منصوبة بمعنى تذكرة ، إما لأن أنذر وذكر متقاربان ، فكأنه قيل مذكرون تذكرة ، وإما لأنها حال من الضمير في { مُنذِرُونَ } ، أي ينذرونهم ذوي تذكرة ، وإما لأنها مفعول له على معنى أنهم ينذرون لأجل الموعظة والتذكرة ، أو مرفوعة عل أنها خبر مبتدأ محذوف بمعنى هذه ذكرى ، والجملة اعتراضية أو صفة بمعنى منذرون ذوو ذكرى ، وجعلوا ذكرى لإمعانهم في التذكرة وإطنابهم فيها ، ووجه آخر وهو أن يكون ذكرى متعلقة بأهلكنا مفعولاً له ، والمعنى وما أهلكنا من أهل قرية قوم ظالمين إلا بعد ما ألزمناهم الحجة بإرسال المنذرين إليهم ليكون إهلاكهم تذكرة وعبرة لغيرهم فلا يعصوا مثل عصيانهم ، { وَمَا كُنَّا ظَـٰلِمِينَ } فنهلك قوماً غير ظالمين ، وهذا الوجه عليه المعول ، فإن قلت كيف عزلت الواو عن الجملة بعد إلا ، ولم تعزل عنه في قوله : { وَمَآ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلاَّ وَلَهَا كِتَـٰبٌ مَّعْلُومٌ } [ الحجر : 4 ] قلت : الأصل عزل الواو لأن الجملة صفة لقرية ، وإذا زيدت فلتأكيد وصل الصفة بالموصوف .