Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 27, Ayat: 10-14)

Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اعلم أن أكثر ما في هذا الآيات قد مر شرحه ، ولنذكر ما هو من خواص هذا الموضع : يقال علام عطف قوله : { وَأَلْقِ عَصَاكَ } ؟ جوابه : على { بُورِكَ } [ النمل : 8 ] لأن المعنى : نودي أن بورك من في النار وأن ألق عصاك ، كلاهما تفسير لنودي . أما قوله : { كَأَنَّهَا جَانٌّ } فالجان الحية الصغيرة ، سميت جاناً ، لأنها تستتر عن الناس ، وقرأ الحسن { جَانٌّ } على لغة من يهرب من التقاء الساكنين ، فيقول شأبة ودأبة . أما قوله : { وَلَمْ يُعَقّبْ } معناه لم يرجع ، يقال عقب المقاتل إذا مر بعد الفرار ، وإنما خاف لظنه أن ذلك لأمر أريد به ، ويدل عليه { إِنّى لاَ يَخَافُ لَدَىَّ ٱلْمُرْسَلُونَ } وقال بعضهم : المراد إني إذا أمرتهم بإظهار معجز فينبغي أن لا يخافوا فيما يتعلق بإظهار ذلك وإلا فالمرسل قد يخاف لا محالة . أما قوله تعالى : { إَلاَّ مَن ظَلَمَ } معناه لكن من ظلم وهو محمول على ما يصدر من الأنبياء من ترك الأفضل أو الصغيرة ، ويحتمل أن يكون المقصود منه التعريض بما وجد من موسى وهو من التعريضات اللطيفة . قال الحسن رحمه الله : كان والله موسى ممن ظلم بقتل القبطي ثم بدل ، فإنه عليه السلام قال : { رَبّ إِنّى ظَلَمْتُ نَفْسِى فَٱغْفِرْ لِى } [ القصص : 16 ] وقرىء ألا من ظلم بحرف التنبيه . أما قوله تعالى : { ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوء } فالمراد حسن التوبة وسوء الذنب ، وعن أبي بكر في رواية عاصم حسناً . أما قوله : { في تسع آيات } فهو كلام مستأنف ، وحرف الجر فيه يتعلق بمحذوف ، والمعنى اذهب في تسع آيات إلى فرعون ، ولقائل أن يقول : كانت الآيات إحدى عشرة ، اثنتان منها اليد والعصا ، والتسع : الفلق والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم والطمسة والجدب في بواديهم والنقصان في مزارعهم . أما قوله : { فَلَمَّا جَاءتْهُمْ ءايَـٰتُنَا مُبْصِرَةً } فقد جعل الإبصار لها ، وهو في الحقيقة لمتأملها ، وذلك بسبب نظرهم وتفكرهم فيها ، أو جعلت كأنها لظهورها تبصر فتهتدي ، وقرأ علي بن الحسين وقتادة { مُبْصِرَةً } وهو نحو مجبنة ومبخلة ، أي مكاناً يكثر فيه التبصر . أما قوله : { وَٱسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ } فالواو فيها واو الحال ، وقد بعدها مضمرة وفائدة ذكر الأنفس أنهم جحدوها بألسنتهم واستيقنوها في قلوبهم وضمائرهم ، والاستيقان أبلغ من الإيقان . أما قوله : { ظُلْماً وَعُلُوّاً } فأي ظلم أفحش من ظلم من استيقن أنها آيات بينة من عند الله تعالى ، ثم كابر بتسميتها سحراً بيناً . وأما العلو فهو التكبر والترفع عن الإيمان بما جاء به موسى كقوله : { فَٱسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْماً عَـٰلِينَ } [ المؤمنون : 46 ] وقرىء علياً وعلياً بالضم والكسر ، كما قرىء عتياً و { عِتِيّاً } [ مريم : 8 ، 69 ] ، والله أعلم .