Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 29, Ayat: 17-17)

Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم قال تعالى : { إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكاً } . ذكر بطلان مذهبهم بأبلغ الوجوه ، وذلك لأن المعبود إنما يعبد لأحد أمور ، إما لكونه مستحقاً للعبادة بذاته كالعبد يخدم سيده الذي اشتراه سواء أطعمه من الجوع أو منعه من الهجوع ، وإما لكونه نافعاً في الحال كمن يخدم غيره لخير يوصله إليه كالمستخدم بأجرة ، وإما لكونه نافعاً في المستقبل كمن يخدم غيره متوقعاً منه أمراً في المستقبل ، وإما لكونه خائفاً منه . فقال إبراهيم : { إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوْثَـٰناً } إشارة إلى أنها لا تستحق العبادة لذاتها لكونها أوثاناً لا شرف لها . قوله تعالى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لاَ يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَٱبْتَغُواْ عِندَ ٱللَّهِ ٱلرّزْقَ وَٱعْبُدُوهُ وَٱشْكُرُواْ لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } . إشارة إلى عدم المنفعة في الحال وفي المآل ، وهذا لأن النفع ، إما في الوجود ، وإما في البقاء لكن ليس منهم نفع في الوجود ، لأن وجودهم منكم حيث تخلقونها وتنحتونها ، ولا نفع في البقاء لأن ذلك بالرزق ، وليس منهم ذلك ، ثم بين أن ذلك كله حاصل من الله فقال : { فَٱبْتَغُواْ عِندَ ٱللَّهِ ٱلرّزْقَ } فقوله : { ٱللَّهِ } إشارة إلى استحقاق عبوديته لذاته وقوله : { ٱلْرّزْقِ } إشارة إلى حصول النفع منه عاجلاً وآجلاً وفي الآية مسائل : المسألة الأولى : قال : { لاَ يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً } نكرة ، وقال : { فَٱبْتَغُواْ عِندَ ٱللَّهِ ٱلرّزْقَ } معرفاً فما الفائدة ؟ فنقول قال الزمخشري قال : { لاَ يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً } نكرة في معرض النفي أي لا رزق عندهم أصلاً ، وقال معرفة عند الإثبات عند الله أي كل الرزق عنده فاطلبوه منه ، وفيه وجه آخر وهو أن الرزق من الله معروف بقوله : { وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي ٱلأَرْضِ إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ رِزْقُهَا } [ هود : 6 ] والرزق من الأوثان غير معلوم فقال : { لاَ يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً } لعدم حصول العلم به وقال : { فَٱبْتَغُواْ عِندَ ٱللَّهِ ٱلرّزْقَ } الموعود به ، ثم قال : { فَٱعْبُدُوهُ } أي اعبدوه لكونه مستحقاً للعبادة لذاته واشكروا له أي لكونه سابق النعم بالخلق وواصلها بالرزق { وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } أي اعبدوه لكونه مرجعاً منه يتوقع الخير لا غير .