Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 29, Ayat: 57-57)

Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

لما أمر الله تعالى المؤمنين بالمهاجرة صعب عليهم ترك الأوطان ومفارقة الإخوان ، فقال لهم إن ما تكرهون لا بد من وقوعه فإن كل نفس ذائقة الموت والموت مفرق الأحباب فالأولى أن يكون ذلك في سبيل الله فيجازيكم عليه ، فإن إلى الله مرجعكم ، وفيه وجه أرق وأدق ، وهو أن الله تعالى قال : كل نفس إذا كانت غير متعلقة بغيرها فهي للموت ، ثم إلى الله ترجع فلا تموت كما قال تعالى : { لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا ٱلْمَوْتَ } [ الدخان : 56 ] إذا ثبت هذا فمن يريد ألا يذوق الموت لا يبقى مع نفسه فإن النفس ذائقته بل يتعلق بغيره وذلك الغير إن كان غير الله فهو ذائق الموت ومورد الهلاك بقوله : { كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ ٱلْمَوْتِ } و { كُلَّ شيْء هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ } [ القصص : 88 ] فإذاً التعلق بالله يريح من الموت فقال تعالى { فَإِيَّاىَ فَٱعْبُدُونِ } أي تعلقوا بـي ، ولا تتبعوا النفس فإنها ذائقة الموت { ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ } أي إذا تعلقتم بـي فموتكم رجوع إلي وليس بموت كما قال تعالى : { وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمْوٰتاً بَلْ أَحْيَاء } [ آل عمران : 169 ] وقال عليه السلام : " " المؤمنون لا يموتون بل ينقلون من دار إلى دار " " فعلى هذا الوجه أيضاً يتبين وجه التعلق .