Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 29, Ayat: 69-69)
Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
لما فرغ من التقرير والتقريع ولم يؤمن الكفار سلى قلوب المؤمنين بقوله : { وَٱلَّذِينَ جَـٰهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا } أي من جاهد بالطاعة هداه سبل الجنة { وَإِنَّ ٱللَّهَ لَمَعَ ٱلْمُحْسِنِينَ } إشارة إلى ما قال : { لّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ ٱلْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ } [ يونس : 26 ] فقوله : { لَنَهْدِيَنَّهُمْ } إشارة إلى الحسنى وقوله : { وَإِنَّ ٱللَّهَ لَمَعَ ٱلْمُحْسِنِينَ } إشارة إلى المعية والقربة التي تكون للمحسن زيادة على حسناته ، وفيه وجه آخر حكمي وهو أن يكون المعنى { وَٱلَّذِينَ جَـٰهَدُواْ فِينَا } أي الذين نظروا في دلائلنا { لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا } أي لنحصل فيهم العلم بنا . ولنبين هذا فضل بيان ، فنقول أصحابنا المتكلمون قالوا إن النظر كالشرط للعلم الاستدلالي والله يخلق في الناظر علماً عقيب نظره ووافقهم الفلاسفة على ذلك في المعنى وقالوا النظر معد للنفس لقبول الصورة المعقولة ، وإذا استعدت النفس حصل لها العلم من فيض واهب الصور الجسمانية والعقلية ، وعلى هذا يكون الترتيب حسناً ، وذلك لأن الله تعالى لما ذكر الدلائل ولم تفدهم العلم والإيمان قال : إنهم لم ينظروا فلم يهتدوا وإنما هو هدى للمتقين الذين يتقون التعصب والعناد فينظرون فيهديهم وقوله : { وَإِنَّ ٱللَّهَ لَمَعَ ٱلْمُحْسِنِينَ } إشارة إلى درجة أعلى من الاستدلال كأنه تعالى قال من الناس من يكون بعيداً لا يتقرب وهم الكفار ، ومنهم من يتقرب بالنظر والسلوك فيهديهم ويقربهم ومنهم من يكون الله معه ويكون قريباً منه يعلم الأشياء منه ولا يعلمه من الأشياء ، ومن يكون مع الشيء كيف يطلبه فقوله : { وَمَنْ أَظْلَمُ } إشارة إلى الأول وقوله : { وَٱلَّذِينَ جَـٰهَدُواْ فِينَا } إشارة إلى الثاني وقوله : { وَإِنَّ ٱللَّهَ لَمَعَ ٱلْمُحْسِنِينَ } إشارة إلى الثالث . والله أعلم بأسرار كتابه ، والحمد لله رب العالمين وصلاته على سيدنا محمد النبـي وآله وصحبه أجمعين .