Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 129-129)

Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

فيه مسألتان : المسألة الأولى : إن المقصود من هذا تأكيد ما ذكره أولاً من قوله { لَيْسَ لَكَ مِنَ ٱلأَمْرِ شَىْء } [ آل عمران : 28 ] والمعنى أن الأمر إنما يكون لمن له الملك ، وملك السمٰوات والأرض وليس إلا لله تعالى فالأمر في السمٰوات والأرض ليس إلا لله ، وهذا برهان قاطع . المسألة الثانية : إنما قال : { مَا فِي ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } ولم يقل من لأن المراد الإشارة إلى الحقائق والماهيات ، فدخل فيه الكل . أما قوله { يَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذّبُ مَن يَشَاء } فاعلم أن أصحابنا يحتجون بهذه الآية على أنه سبحانه له أن يدخل الجنة بحكم إلٰهيته جميع الكفار والمردة ، وله أن يدخل النار بحكم إلٰهيته جميع المقربين والصدّيقين وأنه لا اعتراض عليه في فعل هذه الأشياء ودلالة الآية على هذا المعنى ظاهرة والبرهان العقلي يؤكد ذلك أيضاً ، وذلك أن فعل العبد يتوقف على الإرادة وتلك الإرادة مخلوقة لله تعالى ، فإذا خلق الله تلك الإرادة أطاع ، وإذا خلق النوع الآخر من الإرادة عصى ، فطاعة العبد من الله ومعصيته أيضاً من الله ، وفعل الله لا يوجب على الله شيئاً ألبتة ، فلا الطاعة توجب الثواب ، ولا المعصية توجب العقاب ، بل الكل من الله بحكم إلٰهيته وقهره وقدرته ، فصح ما ادعيناه أنه لو شاء يعذب جميع المقربين حسن منه ، ولو شاء يرحم جميع الفراعنة حسن منه ذلك ، وهذا البرهان هو الذي دل عليه ظاهر قوله تعالى : { يَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذّبُ مَن يَشَاء } . فإن قيل : أليس أنه ثبت أنه لا يغفر للكفار ولا يعذب الملائكة والأنبياء . قلنا : مدلول الآية أنه لو أراد لفعل ولا اعتراض عليه ، وهذا القدر لا يقتضي أنه يفعل أو لا يفعل ، وهذا الكلام في غاية الظهور . ثم ختم الكلام بقوله { وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } والمقصود بيان أنه وإن حسن كل ذلك منه إلا أن جانب الرحمة والمغفرة غالب لا على سبيل الوجوب بل على سبيل الفضل والإحسان .