Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 16-16)
Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
في الآية مسائل : المسألة الأولى : في إعراب موضع { ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ } وجوه الأول : أنه خفض صفة للذين اتقوا ، وتقدير الآية : للذين اتقوا الذين يقولون ، ويجوز أن يكون صفة للعباد ، والتقدير : والله بصير بالعباد وأولئك هم المتقون الذين لهم عند ربهم جنّات هم الذين يقولون كذا وكذا والثاني : أن يكون نصباً على المدح والثالث : أن يكون رفعاً على التخصيص ، والتقدير : هم الذين يقول كذا وكذا . المسألة الثانية : إعلم أنه تعالى حكى عنهم أنهم قالوا { رَبَّنَا إِنَّنَا ءامَنَّا } ثم إنهم قالوا بعد ذلك { فَٱغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا } وذلك يدل على أنهم توسلوا بمجرد الإيمان إلى طلب المغفرة والله تعالى حكى ذلك عنهم في معرض المدح لهم ، والثناء عليهم ، فدل هذا على أن العبد بمجرد الإيمان يستوجب الرحمة والمغفرة من الله تعالى ، فإن قالوا : الإيمان عبارة عن جميع الطاعات أبطلنا ذلك عليهم بالدلائل المذكورة في تفسير قوله { ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱلْغَيْبِ } وأيضاً فمن أطاع الله تعالى في جميع الأمور ، وتاب عن جميع الذنوب ، كان إدخاله النار قبيحاً من الله عندهم ، والقبيح هو الذي يلزم من فعله ، إما الجهل ، وإما الحاجة فهما محالان ، ومستلزم المحال محال ، فإدخال الله تعالى إياهم النار محال ، وما كان محال الوقوع عقلاً كان الدعاء والتضرع في أن لا يفعله الله عبثاً وقبيحاً ، ونظير هذه الآية قوله تعالى في آخر هذه السورة { رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِى لِلإِيمَـٰنِ أَنْ ءامِنُواْ بِرَبّكُمْ فَـئَامَنَّا رَبَّنَا فَٱغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفّرْ عَنَّا سَيّئَـٰتِنَا وَتَوَفَّنَا مَع الأبرار } [ آل عمران : 193 ] . فإن قيل : أليس أنه تعالى اعتبر جملة الطاعات في حصول المغفرة حيث اتبع هذه الآية بقوله { ٱلصَّـٰبِرِينَ وَٱلصَّـٰدِقِينَ } [ آل عمران : 17 ] . قلنا : تأويل هذه الآية ما ذكرناه ، وذلك لأنه تعالى جعل مجرّد الإيمان وسيلة إلى طلب المغفرة ، ثم ذكر بعدها صفات المطيعين وهي كونهم صابرين صادقين ، ولو كانت هذه الصفات شرائط لحصول هذه المغفرة لكان ذكرها قبل طلب المغفرة أولى ، فلما رتب طلب المغفرة على مجرد الإيمان ، ثم ذكر بعد ذلك هذه الصفات ، علمنا أن هذه الصفات غير معتبرة في حصول أصل المغفرة ، وإنما هي معتبرة في حصول كمال الدرجات .