Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 175-175)
Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
اعلم أن قوله : { ٱلشَّيْطَـٰنُ } خبر { ذٰلِكُمُ } بمعنى : انما ذلكم المثبط هو الشيطان { يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ } جملة مستأنفة بيان لتثبيطه ، أو { ٱلشَّيْطَـٰنُ } صفة لاسم الاشارة و { يُخَوّفُ } الخبر ، والمراد بالشيطان الركب ، وقيل : نعيم بن مسعود ، وسمي شيطاناً لعتوه وتمرده في الكفر ، كقوله : { شَيَـٰطِينَ ٱلإِنْسِ وَٱلْجِنّ } [ الأنعام : 112 ] وقيل : هو الشيطان يخوف بالوسوسة . أما قوله تعالى : { يُخَوّفُ أَوْلِيَاءهُ } ففيه سؤال : وهو أن الذين سماهم الله بالشيطان إنما خوفوا المؤمنين ، فما معنى قوله : { ٱلشَّيْطَـٰنُ يُخَوّفُ أَوْلِيَاءهُ } والمفسرون ذكروا فيه ثلاثة أوجه : الأول : تقدير الكلام : ذلكم الشيطان يخوفكم بأوليائه ، فحذف المفعول الثاني وحذف الجار ، ومثال حذف المفعول الثاني قوله تعالى : { فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِى ٱليَمّ } [ القصص : 7 ] أي فاذا خفت عليه فرعون ، ومثال حذف الجار قوله تعالى : { لِّيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا } [ الكهف : 2 ] معناه : لينذركم ببأس وقوله : { لِيُنذِرَ يَوْمَ ٱلتَّلاَق } [ غافر : 15 ] أي لينذركم بيوم التلاق ، وهذا قول الفراء ، والزجاج ، وأبي علي . قالوا : ويدل عليه قراءة أبي بن كعب { يخوفكم بأوليائه } . القول الثاني : أن هذا على قول القائل : خوفت زيدا عمرا ، وتقدير الآية : يخوفكم أولياءه ، فحذف المفعول الأول ، كما تقول : أعطيت الأموال ، أي أعطيت القوم الأموال ، قال ابن الانباري : وهذا أولى من ادعاء جار لا دليل عليه وقوله : { لِّيُنْذِرَ بَأْسًا } أي لينذركم بأساً وقوله : { لِيُنذِرَ يَوْمَ ٱلتَّلاَقِ } أي لينذركم يوم التلاق والتخويف يتعدى إلى مفعولين من غير حرف جر تقول : خاف زيد القتال ، وخوفته القتال وهذا الوجه يدل عليه قراءة ابن مسعود { يخوفكم أَوْلِيَاءهُ } . القول الثالث : أن معنى الآية : يخوف أولياءه المنافقين ليقعدوا عن قتال المشركين ، والمعنى الشيطان يخوف أولياءه الذين يطيعونه ويؤثرون أمره ، فأما أولياء الله ، فانهم لا يخافونه إذا خوفهم ولا ينقادون لأمره ومراده منهم ، وهذا قول الحسن والسدي ، فالقول الأول فيه محذوفان ، والثاني فيه محذوف واحد ، والثالث لا حذف فيه . وأما الأولياء فهم المشركون والكفار ، وقوله : { فَلاَ تَخَافُوهُمْ } الكناية في القولين الأولين عائدة إلى الأولياء . وفي القول الثالث عائدة إلى { ٱلنَّاسِ } في قوله : { إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ } [ آل عمران : 173 ] { فَلاَ تَخَافُوهُمْ } فتقعدوا عن القتال وتجنبوا { وَخَافُونِ } فجاهدوا مع رسولي وسارعوا إلى ما يأمركم به { إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } يعني أن الايمان يقتضي أن تؤثروا خوف الله على خوف الناس .