Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 31, Ayat: 3-5)

Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

فقوله { هُدًى } أي بياناً وفرقاناً ، وأما التفسير فمثل تفسير قوله تعالى : { الم * ذٰلِكَ ٱلْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى } [ البقرة : 1 و2 ] وكما قيل هناك إن المعنى بذلك هذا ، كذلك قيل بأن المراد بتلك هذه ، ويمكن أن يقال كما قلنا هناك إن تلك إشارة إلى الغائب معناها آيات القرآن آيات الكتاب الحكيم وعند إنزال هذه الآيات التي نزلت مع { الم * تِلْكَ ءايَـٰتُ ٱلْكِتَـٰبِ ٱلْحَكِيمِ } لم تكن جميع الآيات نزلت فقال تلك إشارة إلى الكل أي آيات القرآن تلك آيات ، وفيه مسائل : المسألة الأولى : قال في سورة البقرة { ذٰلِكَ ٱلْكِتَابُ } [ البقرة : 2 ] ولم يقل الحكيم ، وههنا قال { ٱلْحَكِيمُ } [ لقمان : 2 ] فلما زاد ذكر وصف الكتاب زاد ذكر أمر في أحواله فقال : { هُدًى وَرَحْمَةً } وقال هناك { هُدًى لّلْمُتَّقِينَ } [ البقرة : 2 ] فقوله : { هُدًى } في مقابلة قوله : { ٱلْكِتَـٰبِ } وقوله : { وَرَحْمَةً } في مقابلة قوله : { ٱلْحَكِيمُ } ووصف الكتاب بالحكيم على معنى ذي الحكم كقوله تعالى : { فِى عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ } [ الحاقة : 21 ] أي ذات رضا . المسألة الثانية : قال هناك { لّلْمُتَّقِينَ } وقال ههنا { لّلْمُحْسِنِينَ } لأنه لما ذكر أنه هدى ولم يذكر شيئاً آخر قال : { لّلْمُتَّقِينَ } أي يهتدي به من يتقي الشرك والعناد والتعصب ، وينظر فيه من غير عناد ، ولما زاد ههنا رحمة قال : { لّلْمُحْسِنِينَ } أي المتقين الشرك والعناد الآتين بكلمة الإحسان فالمحسن هو الآتي بالإيمان والمتقي هو التارك للكفر ، كما قال تعالى : { إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّٱلَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ } [ النحل : 128 ] ومن جانب الكفر كان متقياً وله الجنة ، ومن أتى بحقيقة الإيمان كان محسناً وله الزيادة لقوله تعالى : { لّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ ٱلْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ } [ يونس : 26 ] ولأنه لما ذكر أنه رحمة قال : { لّلْمُحْسِنِينَ } لأن رحمة الله قريب من المحسنين . المسألة الثالثة : قال هناك { ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱلْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلوٰةَ } [ البقرة : 3 ] وقال ههنا { ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ } ولم يقل يؤمنون لما بينا أن المتقي هو التارك للكفر ويلزمه أن يكون مؤمناً والمحسن هو الآتي بحق الإيمان ، ويلزمه أن لا يكون كافراً ، فلما كان المتقي دالاً على المؤمن في الالتزام صرح بالإيمان هناك تبييناً ولما كان المحسن دالاً على الإيمان بالتنصيص لم يصرح بالإيمان وقوله تعالى : { ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ } قد ذكرنا ما في الصلاة وإقامتها مراراً وما في الزكاة والقيام بها ، وذكرنا في تفسير الأنفال في أوائلها أن الصلاة ترك التشبه بالسيد فإنها عبادة صورة وحقيقة والله تعالى تجب له العبادة ولا تجوز عليه العبادة ، وترك التشبه لازم على العبد أيضاً في أمور فلا يجلس عند جلوسه ولا يتكىء عند اتكائه ، والزكاة تشبه بالسيد فإنها دفع حاجة الغير والله دافع الحاجات ، والتشبه لازم على العبد أيضاً في أمور ، كما أن عبد العالم لا يتلبس بلباس الأجناد ، وعبد الجندي لا يتلبس بلباس الزهاد ، وبهما تتم العبودية .