Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 31, Ayat: 8-9)

Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

لما بين حال من إذا تتلى عليه الآيات ولى ، بين حال من يقبل على تلك الآيات ويقبلها وكما أن ذلك له مراتب من التولية والاستكبار ، فهذا له مراتب من الإقبال والقبول والعمل به ، فإن من سمع شيئاً وقبله قد لا يعمل به فلا تكون درجته مثل من يسمع ويطيع ثم إن هذا له جنات النعيم ولذلك عذاب مهين وفيه لطائف : إحداها : توحيد العذاب وجمع الجنات إشارة إلى أن الرحمة واسعة أكثر من الغضب الثانية : تنكير العذاب وتعريف الجنة بالإضافة إلى المعرف إشارة إلى أن الرحيم يبين النعمة ويعرفها إيصالاً للراحة إلى القلب ، ولا يبين النقمة ، وإنما ينبه عليها تنبيهاً الثالثة : قال عذاب ، ولم يصرح بأنهم فيه خالدون ، وإنما أشار إلى الخلود بقوله : { مُّهِينٌ } وصرح في الثواب بالخلود بقوله : { خَـٰلِدِينَ فِيهَا } ، الرابعة : أكد ذلك بقوله : { وَعْدَ ٱللَّهِ حَقّا } ولم يذكره هناك الخامسة : قال هناك لغيره { فَبَشّرْهُ بِعَذَابٍ } وقال ههنا بنفسه { وَعَدَ ٱللَّهُ } ، ثم لم يقل أبشركم به لأن البشارة لا تكون إلا بأعظم ما يكون ، لكن الجنة دون ما يكون للصالحين بشارة من الله ، وإنما تكون بشارتهم منه برحمته ورضوانه كما قال تعالى : { يُبَشّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مّنْهُ وَرِضْوٰنٍ وَجَنَّـٰتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيم } [ التوبة : 21 ] ولولا قوله : { مِنْهُ } لما عظمت البشارة ، ولو كانت { مِنْهُ } مقرونة بأمر دون الجنة لكان ذلك فوق الجنة من غير إضافة فإن قيل فقد بشر بنفس الجنة بقوله : { وَأَبْشِرُواْ بِٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِى كُنتُمْ تُوعَدُون } [ فصلت : 30 ] نقول البشارة هناك لم تكن بالجنة وحدها ، بل بها وبما ذكر بعدها إلى قوله تعالى : { نُزُلاً مّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ } [ فصلت : 32 ] والنزل ما يهيأ عند النزول والإكرام العظيم بعده { وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } كامل القدرة يعذب المعرض ويثيب المقبل ، كامل العلم يفعل الأفعال كما ينبغي ، فلا يعذب من يؤمن ولا يثيب من يكفر .