Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 32, Ayat: 10-10)

Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

لما قال : { قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ } [ السجدة : 9 ] بين عدم شكرهم بإتيانهم بضده وهو الكفر وإنكار قدرته على إحياء الموتى وقد ذكرنا أن الله تعالى ، في كلامه القديم ، كلما ذكر أصلين من الأصول الثلاثة لم يترك الأصل الثالث وههنا كذلك لما ذكر الرسالة بقوله : { تَنزِيلُ ٱلْكِتَـٰبِ } إلى قوله : { لِتُنذِرَ قَوْماً مَّا أَتَـٰهُم مّن نَّذِيرٍ مّن قَبْلِكَ } [ السجدة : 2 ، 3 ] الوحدانية بقوله : { ٱللَّهُ ٱلَّذِى خَلَقَ } إلى قوله : { وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلْسَّمْعَ وَٱلأَبْصَـٰرَ } [ السجدة : 4 ، 9 ] ذكر الأصل الثالث وهو الحشر بقوله تعالى : { وَقَالُواْ أَءذَا ضَلَلْنَا فِى ٱلأَرْضِ } وفيه مسائل : المسألة الأولى : الواو للعطف على ما سبق منهم فإنهم قالوا محمد ليس برسول والله ليس بواحد وقالوا الحشر ليس بممكن . المسألة الثانية : أنه تعالى قال في تكذيبهم الرسول في الرسالة { أم يقولون } [ يونس : 38 ] بلفظ المستقبل وقال في تكذيبهم إياه في الحشر ، { وقالوا } بلفظ الماضي ، وذلك لأن تكذيبهم إياه في رسالته لم يكن قبل وجوده وإنما كان ذلك حالة وجوده فقال يقولون يعني هم فيه ، وأما إنكارهم للحشر كان سابقاً صادراً منهم ومن آبائهم فقال { وقالوا } . المسألة الثالثة : أنه تعالى صرح بذكر قولهم في الرسالة حيث قال : { أَمْ يَقُولُونَ } [ يونس : 38 ] وفي الحشر حيث قال : { وقالوا أئذا } ولم يصرح بذكر قولهم في الوحدانية ، وذلك لأنهم كانوا مصرين في جميع الأحوال على إنكار الحشر والرسول ، وأما الوحدانية فكانوا يعترفون بها في المعنى ، ألا ترى أن الله تعالى قال : { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ } [ لقمان : 25 ] فلم يقل قالوا إن الله ليس بواحد وإن كانوا قالوه في الظاهر . المسألة الرابعة : لو قال قائل لما ذكر الرسالة ذكر من قبل دليلها وهو التنزيل الذي لا ريب فيه ولما ذكر الوحدانية ذكر دليلها وهو خلق السموات والأرض وخلق الإنسان من طين ، ولما ذكر إنكارهم الحشر لم يذكر الدليل ، نقول في الجواب : ذكر دليله أيضاً وذلك لأن خلق الإنسان ابتداء دليل على قدرته على إعادته ، ولهذا استدل الله على إمكان الحشر بالخلق الأول كما قال : { ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ } [ الروم : 27 ] وقوله : { قُلْ يُحْيِيهَا ٱلَّذِى أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ } [ يۤس : 79 ] وكذلك خلق السموات كما قال تعالى : { أَوَلَـيْسَ ٱلَذِى خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ بِقَـٰدِرٍ عَلَىٰ أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم * بَلَىٰ } [ يۤس : 81 ، 82 ] . وقوله تعالى : { إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ } أي أئنا كائنون في خلق جديد أو واقعون فيه { بَلْ هُم بِلَقَاء رَبّهِمْ كَـٰفِرُونَ } إضراب عن الأول يعني ليس إنكارهم لمجرد الخلق ثانياً بل يكفرون بجميع أحوال الآخرة حتى لو صدقوا بالخلق الثاني لما اعترفوا بالعذاب والثواب ، أو نقول معناه لم ينكروا البعث لنفسه بل لكفرهم ، فإنهم أنكروه فأنكروا المفضى إليه ، ثم بين ما يكون لهم من الموت إلى العذاب .