Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 33, Ayat: 7-7)

Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وجه تعلق الآية بما قبلها هو أن الله تعالى لما أمر النبـي عليه الصلاة والسلام بالاتقاء بقوله : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِىّ ٱتَّقِ ٱللَّهَ } [ الأحزاب : 1 ] وأكده بالحكاية التي خشى فيها الناس لكي لا يخشى فيها أحداً غيره وبين أنه لم يرتكب أمراً يوجب الخشية بقوله : { ٱلنَّبِىُّ أَوْلَىٰ بِٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ } [ الأحزاب : 6 ] أكده بوجه آخر وقال : { وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ ٱلنَّبِيّيْنَ } كأنه قال اتق الله ولا تخف أحداً واذكر أن الله أخذ ميثاق النبيين في أنهم يبلغون رسالات الله ولا يمنعهم من ذلك خوف ولا طمع وفيه مسائل : المسألة الأولى : المراد من الميثاق المأخوذ من النبيين إرسالهم وأمرهم بالتبليغ . المسألة الثانية : خص بالذكر أربعة من الأنبياء وهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى لأن موسى وعيسى كان لهما في زمان نبينا قوم وأمة فذكرهما احتجاجاً على قومهما ، وإبراهيم كان العرب يقولون بفضله وكانوا يتبعونه في الشعائر بعضها ، ونوحاً لأنه كان أصلاً ثانياً للناس حيث وجد الخلق منه بعد الطوفان ، وعلى هذا لو قال قائل فآدم كان أولى بالذكر من نوح فنقول خلق آدم كان للعمارة ونبوته كانت مثل الإرشاد للأولاد ولهذا لم يكن في زمانه إهلاك قوم ولا تعذيب ، وأما نوح فكان مخلوقاً للنبوة وأرسل للإنذار ولهذا أهلك قومه وأغرقوا . المسألة الثالثة : في كثير من المواضع يقول الله : { عِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ } [ البقرة : 87 ] { ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ مَرْيَمَ } [ المائدة : 17 ] إشارة إلى أنه لا أب له إذ لو كان لوقع التعريف به ، وقوله : { وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مّيثَـٰقاً غَلِيظاً } غلظ الميثاق هو سؤالهم عما فعلوا في الإرسال كما قال تعالى : { ولنسألن المرسلين } [ الأعراف : 6 ] وهذا لأن الملك إذا أرسل رسولاً وأمره بشيء وقبله فهو ميثاق ، فإذا أعلمه بأنه يسأل عن حاله في أفعاله وأقواله يكون ذلك تغليظاً للميثاق عليه حتى لا يزيد ولا ينقص في الرسالة ، وعلى هذا يمكن أن يقال بأن المراد من قوله تعالى : { وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَىٰ بَعْضُكُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مّيثَـٰقاً غَلِيظاً } [ النساء : 21 ] هو الإخبار بأنهم مسؤلون عنها كما قال النبـي عليه الصلاة والسلام : " " كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته " " وكما أن الله تعالى جعل الرجال قوامين على النساء جعل الأنبياء قائمين بأمور أمتهم وإرشادهم إلى سبيل الرشاد .