Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 34, Ayat: 49-49)
Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
لما ذكر الله أنه يقذف بالحق وكان ذلك بصيغة الاستقبال ، ذكر أن ذلك الحق قد جاء وفيه وجوه أحدها : أنه القرآن الثاني : أنه بيان التوحيد والحشر وكل ما ظهر على لسان النبـي صلى الله عليه وسلم الثالث : المعجزات الدالة على نبوة محمد عليه السلام ، ويحتمل أن يكون المراد من { جَاء ٱلْحَقُّ } ظهر الحق لأن كل ما جاء فقد ظهر والباطل خلاف الحق ، وقد بينا أن الحق هو الموجود ، ولما كان ما جاء به النبـي صلى الله عليه وسلم لم يمكن انتفاؤه كالتوحيد والرسالة والحشر ، كان حقاً لا ينتفي ، ولما كان ما يأتون به من الإشراك والتكذيب لا يمكن وجوده كان باطلاً لا يثبت ، وهذا المعنى يفهم من قوله : { وَمَا يُبْدِىء ٱلْبَـٰطِلُ } أي الباطل لا يفيد شيئاً في الأولى ولا في الآخرة فلا إمكان لوجوده أصلاً ، والحق المأتي به لا عدم له أصلاً ، وقيل المراد لا يبدىء الشيطان ولا يعيد ، وفيه معنى لطيف وهو أن قوله تعالى : { قُلْ إِنَّ رَبّى يَقْذِفُ بِٱلْحَقّ } لما كان فيه معنى قوله تعالى : { بَلْ نَقْذِفُ بِٱلْحَقّ عَلَى ٱلْبَـٰطِلِ فَيَدْمَغُهُ } كان يقع لمتوهم أن الباطل كان فورد عليه الحق فأبطله ودمغه ، فقال ههنا ليس للباطل تحقق أولاً وآخراً ، وإنما المراد من قوله : { فَيَدْمَغُهُ } أي فيظهر بطلانه الذي لم يزل كذلك وإليه الإشارة بقوله تعالى في موضع آخر : { وَزَهَقَ ٱلْبَـٰطِلُ إِنَّ ٱلْبَـٰطِلَ كَانَ زَهُوقًا } [ الإسراء : 81 ] يعني ليس أمراً متجدداً زهوق الباطل ، فقوله : { وَمَا يُبْدِىء ٱلْبَـٰطِلُ } أي لا يثبت في الأول شيئاً خلاف الحق { وما يُعِيدُ } أي لا يعيد في الآخرة شيئاً خلاف الحق .