Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 34, Ayat: 5-5)

Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

لما بين حال المؤمنين يوم القيامة بين حال الكافرين ، وقوله : { وَٱلَّذِينَ سَعَوْ فِى ءايَـٰتِنَا } أي بالإبطال ، ويكون معناه الذين كذبوا بآياتنا وحينئذٍ يكون هذا في مقابلة ما تقدم لأن قوله تعالى : { ءامَنُواْ } معناه صدقوا وهذا معناه كذبوا فإن قيل من أين علم كون سعيهم في الإبطال مع أن المذكور مطلق السعي ؟ فنقول فهم من قوله تعالى : { مُعَـٰجِزِينَ } وذلك لأنه حال معناه سعوا فيها وهم يريدون التعجيز وبالسعي في التقرير والتبليغ لا يكون الساعي معاجزاً لأن القرآن وآيات الله معجزة في نفسها لا حاجة لها إلى أحد ، وأما المكذب فهو آت بإخفاء آيات بينات فيحتاج إلى السعي العظيم والجد البليغ ليروج كذبه لعله يعجز المتمسك به ، وقيل بأن المراد من قوله : { مُعَـٰجِزِينَ } أي ظانين أنهم يفوتون الله ، وعلى هذا يكون كون الساعي ساعياً بالباطل في غاية الظهور ، ولهم عذاب في مقابلة لهم رزق ، وفي الآية لطائف الأولى : قال ههنا : { لَهُمْ عَذَابٌ } ولم يقل يجزيهم الله ، وقد تقدم القول منا أن قوله تعالى : { لّيَجْزِىَ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ } يحتمل أن يكون الله يجزيهم بشيء آخر ، وقوله : { أُوْلَـئِكَ لَهُمْ مَّغْفِرَةٌ } إخبار عن مستحقهم المعد لهم ، وعلى الجملة فاحتمال الزيادة هناك قائم نظراً إلى قوله : { لِيَجْزِىَ } وههنا لم يقل ليجازيهم فلم يوجد ذلك الثانية : قال هناك لهم مغفرة ثم زادهم فقال : { وَرِزْقٌ كَرِيمٌ } وههنا لم يقل إلا لهم عذاب من رجز أليم ، والجواب تقدم في مثله الثالثة : قال هناك : { لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ } ولم يقلله بمن التبعيضية فلم يقل لهم نصيب من رزق ولا رزق من جنس كريم ، وقال ههنا : { لَهُمْ عَذَابٌ مّن رّجْزٍ أَلِيمٌ } بلفظة صالحة للتبعيض وكل ذلك إشارة إلى سعة الرحمة وقلة الغضب بالنسبة إليها والرجز قيل أسوأ العذاب ، وعلى هذا { مِنْ } لبيان الجنس كقول القائل خاتم من فضة ، وفي الأليم قراءتان الجر والرفع فالرفع على أن الأليم وصف العذاب كأنه قال عذاب أليم من أسوأ العذاب والجر على أنه وصف للرجز والرفع أقرب نظراً إلى المعنى ، والجر نظراً إلى اللفظ ، فإن قيل فلم تنحصر الأقسام في المؤمن الصالح عمله والمكذب الساعي المعجز لجواز أن يكون أحد مؤمناً ليس له عمل صالح أو كافر متوقف ، فنقول إذا علم حال الفريقين المذكورين يعلم أن المؤمن قريب الدرجة ممن تقدم أمره والكافر قريب الدرجة ممن سبق ذكره وللمؤمن مغفرة ورزق كريم ، وإن لم يكن في الكرامة مثل رزق الذي عمل صالحاً وللكافر غير المعاند عذاب وإن لم يكن من أسوأ الأنواع التي للمكذبين المعاندين . ثم قال تعالى :