Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 35, Ayat: 11-11)

Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قد ذكرنا مراراً أن الدلائل مع كثرتها وعدم دخولها في عدد محصور منحصرة في قسمين دلائل الآفاق ودلائل الأنفس ، كما قال تعالى : { سَنُرِيهِمْ ءَايَـٰتِنَا فِى ٱلأَفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ } [ فصلت : 53 ] فلما ذكر دلائل الآفاق من السموات وما يرسل منها من الملائكة والأرض وما يرسل فيها من الرياح شرع في دلائل الأنفس ، وقد ذكرنا تفسيره مراراً وذكرنا ما قيل من أن قوله : { مِّن تُرَابٍ } إشارة إلى خلق آدم { ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ } إشارة إلى خلق أولاده ، وبينا أن الكلام غير محتاج إلى هذا التأويل بل { خَلَقَكُمْ } خطاب مع الناس وهم أولاد آدم كلهم من تراب ومن نطفة لأن كلهم من نطفة والنطفة من غذاء ، والغذاء بالآخرة ينتهي إلى الماء والتراب ، فهو من تراب صار نطفة . وقوله : { وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَىٰ وَلاَ تَضَعُ } إشارة إلى كمال العمل ، فإن ما في الأرحام قبل الانخلاق بل بعده ما دام في البطن لا يعلم حاله أحد ، كيف والأم الحاملة لا تعلم منه شيئاً ، فلما ذكر بقوله : { خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ } كمال قدرته بين بقوله : { وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَىٰ وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ } كمال علمه ثم بين نفوذ إرادته بقوله : { وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلاَ يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَـٰبٍ } فبين أنه هو القادر العالم المريد والأصنام لا قدرة لها ولا علم ولا إرادة ، فكيف يستحق شيء منها العبادة ، وقوله : { إِنَّ ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ } أي الخلق من التراب ويحتمل أن يكون المراد التعمير والنقصان على الله يسير ، ويحتمل أن يكون المراد أن العلم بما تحمله الأنثى يسير والكل على الله يسير والأول أشبه فإن اليسير استعماله في الفعل أليق .