Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 35, Ayat: 29-29)
Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم قال تعالى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَـٰبَ ٱللَّهِ } . لما بين العلماء بالله وخشيتهم وكرامتهم بسبب خشيتهم ذكر العالمين بكتاب الله العاملين بما فيه . وقوله : { يَتْلُونَ كِتَـٰبَ ٱللَّهِ } إشارة إلى الذكر . وقوله تعالى : { وأقاموا الصلاة } إشارة إلى العمل البدني . وقوله : { وَأَنْفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ } إشارة إلى العمل المالي ، وفي الآيتين حكمة بالغة ، فقوله : إنما يخشى الله إشارة إلى عمل القلب ، وقوله : { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَتْلُونَ } إشارة إلى عمل اللسان . وقوله : { وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم } إشارة إلى عمل الجوارح ، ثم إن هذه الأشياء الثلاثة متعلقة بجانب تعظيم الله والشفقة على خلقه ، لأنا بينا أن من يعظم ملكاً إذا رأى عبداً من عباده في حاجة يلزمه قضاء حاجته وإن تهاون فيه يخل بالتعظيم ، وإلى هذا أشار بقوله : عبدي مرضت فما عدتني ، فيقول العبد : كيف تمرض وأنت رب العالمين ، فيقول الله مرض عبدي فلان وما زرته ولو زرته لوجدتني عنده ، يعني التعظيم متعلق بالشفقة فحيث لا شفقة على خلق الله لا تعظيم لجانب الله . وقوله تعالى : { سِرّاً وَعَلاَنِيَةً } حث على الإنفاق كيفما يتهيأ ، فإن تهيأ سراً فذاك ونعم وإلا فعلانية ولا يمنعه ظنه أن يكون رياء ، فإن ترك الخير مخافة أن يقال فيه إنه مراء عين الرياء ويمكن أن يكون المراد بقوله : { سِرّا } أي صدقة { وَعَلاَنِيَةً } أي زكاة ، فإن الإعلان بالزكاة كالإعلان بالفرض وهو مستحب . وقوله تعالى : { يَرْجُونَ تِجَـٰرَةً لَّن تَبُورَ } إشارة إلى الإخلاص ، أي ينفقون لا ليقال إنه كريم ولا لشيء من الأشياء غير وجه الله ، فإن غير الله بائر والتاجر فيه تجارته بائرة .