Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 35, Ayat: 40-40)
Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
تقريراً للتوحيد وإبطالاً للإشراك ، وقوله : { أَرَءيْتُمْ } المراد منه أخبروني ، لأن الاستفهام يستدعي جواباً ، يقول القائل أرأيت ماذا فعل زيد ؟ فيقول السامع باع أو اشترى ، ولولا تضمنه معنى أخبرني وإلا لما كان الجواب إلا قوله لا أو نعم ، وقوله : { شُرَكَاءَكُمُ } إنما أضاف الشركاء إليهم من حيث إن الأصنام في الحقيقة لم تكن شركاء لله ، وإنما هم جعلوها شركاء ، فقال شركاءكم ، أي الشركاء بجعلكم ويحتمل أن يقال شركاءكم ، أي شركاءكم في النار لقوله : { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ } [ الأنبياء : 98 ] وهو قريب ، ويحتمل أن يقال هو بعيد لاتفاق المفسرين على الأول وقوله : { أَرُونِيَ } بدل عن { أَرَءيْتُمْ } لأن كليهما يفيد معنى أخبروني ، ويحتمل أن يقال قوله : { أَرَءيْتُمْ } استفهام حقيقي و { أَرُونِيَ } أمر تعجيز للتبين ، فلما قال : { أَرَءيْتُمْ } يعني أعلمتم هذه التي تدعونها كما هي وعلى ما هي عليه من العجز أو تتوهمون فيها قدرة ، فإن كنتم تعلمونها عاجزة فكيف تعبدونها ؟ وإن كان وقع لكم أن لها قدرة فأروني قدرتها في أي شيء هي ، أهي في الأرض ، كما قال بعضهم : إن الله إله السماء وهؤلاء آلهة الأرض ، وهم الذين قالوا أمور الأرض من الكواكب والأصنام صورها ؟ أم هي في السموات ، كما قال بعضهم : إن السماء خلقت باستعانة الملائكة والملائكة شركاء في خلق السموات ، وهذه الأصنام صورها ؟ أم قدرتها في الشفاعة لكم ، كما قال بعضهم إن الملائكة ما خلقوا شيئاً ولكنهم مقربون عند الله فنعبدها ليشفعوا لنا ، فهل معهم كتاب من الله فيه إذنه لهم بالشفاعة ؟ وقوله : { أم آتيناهم كتاباً } في العائد إليه الضمير وجهان أحدهما : أنه عائد إلى الشركاء ، أي هل أتينا الشركاء كتاباً وثانيهما : أنه عائد إلى المشركين ، أي هل آتينا المشركين كتاباً وعلى الأول فمعناه ما ذكرنا ، أي هل مع ما جعل شريكاً كتاب من الله فيه أن له شفاعة عند الله ، فإن أحداً لا يشفع عنده إلا بإذنه ، وعلى الثاني معناه أن عبادة هؤلاء إما بالعقل ولا عقل لمن يعبد من لم يخلق من الأرض جزءاً من الأجزاء ولا في السماء شيئاً من الأشياء ، وإما بالنقل ونحن ما آتينا المشركين كتاباً فيه أمرنا بالسجود لهؤلاء ولو أمرنا لجاز كما أمرنا بالسجود لآدم وإلى جهة الكعبة ، فهذه العبادة لا عقلية ولا نقلية فوعد بعضهم بعضاً ليس إلا غروراً غرهم الشيطان وزين لهم عبادة الأصنام .