Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 36, Ayat: 15-15)
Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم بين الله ما جرى منهم وعليهم مثل ما جرى من محمد صلى الله عليه وسلم وعليه فقالوا : { إِنَّا إِلَيْكُمْ مُّرْسَلُونَ } [ يس : 14 ] كما قال : { إِنَّكَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } [ يس : 3 ] وبين ما قال القوم بقوله : { قَالُواْ مَا أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَا أَنَزلَ ٱلرَّحْمَـٰنُ مِن شَيْءٍ } جعلوا كونهم بشراً مثلهم دليلاً على عدم الإرسال ، وهذا عام من المشركين قالوا في حق محمد : { أأنزل عَلَيْهِ ٱلذّكْرُ } [ ص : 8 ] وإنما ظنوه دليلاً بناءً على أنهم لم يعتقدوا في الله الاختيار ، وإنما قالوا فيه إنه موجب بالذات وقد استوينا في البشرية فلا يمكن الرجحان ، والله تعالى رد عليهم قولهم بقوله : { ٱللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ } [ الأنعام : 124 ] وبقوله : { ٱللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاء } [ الشورى : 13 ] إلى غير ذلك ، وقوله : { وما أَنزَلَ ٱلرَّحْمَـٰنُ مِن شَيْءٍ } يحتمل وجه أحدهما : أن يكون متمماً لما ذكروه فيكون الكل شبهة واحدة ، ووجهه هو أنهم قالوا أنتم بشر فما نزلتم من عند الله وما أنزل الله إليكم أحداً ، فكيف صرتم رسلاً لله ؟ ثانيهما : أن يكون هذا شبهة أخرى مستقلة ووجهه هو أنهم لما قالوا أنتم بشر مثلنا فلا يجوز رجحانكم علينا ذكروا الشبهة من جهة النظر إلى المرسلين ، ثم قالوا شبهة أخرى من جهة المرسل ، وهو أنه تعالى ليس بمنزل شيئاً في هذا العالم ، فإنه تصرفه في العالم العلوي وللعلويات التصرف في السفليات على مذهبهم ، فالله تعالى لم ينزل شيئاً من الأشياء في الدنيا فكيف أنزل إليكم ، وقوله : { ٱلرَّحْمَـٰنُ } إشارة إلى الرد عليهم ، لأن الله لما كان رحمن الدنيا والإرسال رحمة ، فكيف لا ينزل رحمته وهو رحمن ، فقال إنهم قالوا : ما أنزل الرحمن شيئاً ، وكيف لا ينزل الرحمن مع كونه رحمن شيئاً ، هو الرحمة الكاملة . ثم قال تعالى : { إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ } أي ما أنتم إلا كاذبين .