Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 36, Ayat: 42-42)
Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وفيه مسائل : المسألة الأولى : من حيث اللغة فقوله لهم يحتمل أن يكون عائداً إلى الذرية ، أي حملنا ذريتهم وخلقنا للمحمولين ما يركبون ، ويحتمل أن يكون عائداً إلى العباد الذين عاد إليهم قوله : { وَءايَةٌ لَّهُمُ } [ يس : 41 ] وهو الحق لأن الظاهر عود الضمائر إلى شيء واحد . المسألة الثانية : { مِنْ } يحتمل وجهين أحدهما : أن يكون صلة تقديره وخلقنا لهم مثله ، وهذا على رأي الأخفش ، وسيبويه يقول : من لا يكون صلة إلا عند النفي ، تقول ما جاءني من أحد كما في قوله تعالى : { وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ } [ ق : 38 ] ، وثانيهما : هي مبينة كما في قوله تعالى : { يَغْفِرْ لَكُمْ مّن ذُنُوبِكُمْ } [ الأحقاف : 31 ] كأنه لما قال : { خَلَقْنَا لَهُم } والمخلوق كان أشياء قال من مثل الفلك للبيان . المسألة الثالثة : الضمير في { مّثْلِهِ } على قول الأكثرين عائد إلى الفلك فيكون هذا كقوله تعالى : { وَءاخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوٰجٌ } [ ص : 58 ] وعلى هذا فالأظهر أن يكون المراد الفلك الآخر الموجود في زمانهم ويؤيد هذا هو أنه تعالى قال : { وَإِن نَّشَأْ نُغْرِقْهُمْ } [ يس : 43 ] ولو كان المراد الإبل على ما قاله بعض المفسرين لكان قوله : { وَخَلَقْنَا لَهُمْ مّن مّثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ } فاصلاً بين متصلين ، ويحتمل أن يقال الضمير عائد إلى معلوم غير مذكور تقديره أن يقال : وخلقنا لهم من مثل ما ذكرنا من المخلوقات في قوله : { خَلَق ٱلأَزْوٰجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ ٱلأَرْضُ } [ يس : 36 ] وهذا كما قالوا في قوله تعالى : { لِيَأْكُلُواْ مِن ثَمَرِهِ } [ يس : 35 ] أن الهاء عائد إلى ماذكرنا ، أي من ثمر ما ذكرنا ، وعلى هذا فقوله : { خَلَقْنَا لَهُم } فيه لطيفة ، وهي أن ما من أحد إلا وله ركوب مركوب من الدواب وليس كل أحد يركب الفلك فقال في الفلك حملنا ذريتهم وإن كان ما حملناهم ، وأما الخلق فلهم عام وما يركبون فيه وجهان أحدهما : هو الفلك الذي مثل فلك نوح ثانيهما : هو الإبل التي هي سفن البر ، فإن قيل إذا كان المراد سفينة نوح فما وجه مناسبة الكلام ؟ نقول ذكرهم بحال قوم نوح وأن المكذبين هلكوا والمؤمنين فازوا فكذلك هم إن آمنوا يفوزوا وإن كذبوا يهلكوا .