Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 36, Ayat: 52-52)
Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يعني لما بعثوا قالوا ذلك ، لأن قوله : { وَنُفِخَ فِى ٱلصُّورِ } [ يس : 51 ] يدل على أنهم بعثوا وفيه مسائل : المسألة الأولى : لو قال قائل : لو قال الله تعالى فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون يقولون : يا ويلنا كان أليق ، نقول معاذ الله ، وذلك لأن قوله : { فَإِذَا هُم مّنَ ٱلأَجْدَاثِ إِلَىٰ رَبّهِمْ يَنسِلُونَ } [ يس : 51 ] على ما ذكرنا إشارة إلى أنه تعالى في أسرع زمان يجمع أجزاءهم ويؤلفها ويحييها ويحركها ، بحيث يقع نسلانهم في وقت النفخ ، مع أن ذلك لا بد له من الجمع والتأليف ، فلو قال يقولون ، لكان ذلك مثل الحال لينسلون ، أي ينسلون قائلين يا ويلنا وليس كذلك ، فإن قولهم يا ويلنا قبل أن ينسلوا ، وإنما ذكر النسلان لما ذكرنا من الفوائد . المسألة الثانية : لو قال قائل : قد عرفنا معنى النداء في مثل يا حسرة ويا حسرتا ويا ويلنا ، ولكن ما الفرق بين قولهم وقول الله حيث قال : { يٰحَسْرَةً عَلَى ٱلْعِبَادِ } [ يس : 30 ] من غير إضافة ، وقالوا : يا حسرتا ويا حسرتنا ويا ويلنا ؟ نقول حيث كان القائل هو المكلف لم يكن لأحد علم إلا بحالة أو بحال من قرب منه ، فكان كل واحد مشغولاً بنفسه ، فكان كل واحد يقول : يا حسرتنا ويا ويلنا ، فقوله : { قَالُواْ ياويلنا } أي كل واحد قال يا ويلي ، وأما حيث قال الله قال على سبيل العموم لشمول علمه بحالهم . المسألة الثالثة : ما وجه تعلق : { مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا } بقولهم : { يا ويلنا } نقول لما بعثوا تذكروا ما كانوا يسمعون من الرسل ، فقالوا : يا ولينا من بعثنا أبعثنا الله البعث الموعود به أم كنا نياماً فنبهنا ؟ وهذا كما إذا كان إنسان موعوداً بأن يأتيه عدو لا يطيقه ، ثم يرى رجلاً هائلاً يقبل عليه فيرتجف في نفسه ويقول : هذا ذلك أم لا ؟ ويدل على ذكرنا قولهم : { مِن مَّرْقَدِنَا } حيث جعلوا القبور موضع الرقاد إشارة إلى أنهم شكوا في أنهم كانوا نياماً فنبهوا أو كانوا موتى وكان الغالب على ظنهم هو البعث فجمعوا بين الأمرين ، فقالوا : { مَن بَعَثَنَا } إشارة إلى ظنهم أنه بعثهم الموعود به ، وقالوا : { مِن مَّرْقَدِنَا } إشارة إلى توهمهم احتمال الانتباه . المسألة الرابعة : { هَـٰذَا } إشارة إلى ماذا ؟ نقول فيه وجهان أحدهما : أنه إشارة إلى المرقد كأنهم قالوا : من بعثنا من مرقدنا هذا فيكون صفة للمرقد يقال كلامي هذا صدق وثانيهما : { هَـٰذَا } إشارة إلى البعث ، أي هذا البعث ما وعد به الرحمن وصدق فيه المرسلون . المسألة الخامسة : إذا كان هذا صفة للمرقد فكيف يصح قوله تعالى : { مَا وَعَدَ ٱلرَّحْمـٰنُ وَصَدَقَ ٱلْمُرْسَلُونَ } ؟ نقول يكون ما وعد به الرحمن ، مبتدأ خبره محذوف تقديره ما وعد الرحمن حق ، والمرسلون صدقوا ، أو يقال ما وعد الرحمن وصدق فيه المرسلون حق ، والأول أظهر لقلة الإضمار ، أو يقال ما وعد الرحمن خبر مبتدأ محذوف تقديره هو ما وعد الرحمن من البعث ليس تنبيهاً من النوم ، وصدق المرسلون فيما أخبروكم به . المسألة السادسة : إن قلنا : { هَـٰذَا } إشارة إلى المرقد أو إلى البعث ، فجواب الاستفهام بقولهم { مَن بَعَثَنَا } أن يكون ؟ نقول : لما كان غرضهم من قولهم : { مَن بَعَثَنَا } حصول العلم بأنه بعث أو تنبيه حصل الجواب بقوله هذا بعث وعد الرحمن به ليس تنبيهاً ، كما أن الخائف إذا قال لغيره ماذا تقول أيقتلني فلان ؟ فله أن يقول لا تخف ويسكت ، لعلمه أن غرضه إزالة الرعب عنه وبه يحصل الجواب .