Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 39, Ayat: 71-72)

Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اعلم أنه تعالى لما شرح أحوال أهل القيامة على سبيل الإجمال فقال : { وَوُفّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ } [ الزمر : 70 ] بين بعده كيفية أحوال أهل العقاب ، ثم كيفية أحوال أهل الثواب وختم السورة . أما شرح أحوال أهل العقاب فهو المذكور في هذه الآية ، وهو قوله { وَسِيقَ ٱلَّذِينَ كَـفَرُواْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَراً } قال ابن زيدان : سوق الذين كفروا إلى جهنم يكون بالعنف والدفع ، والدليل عليه قوله تعالى : { يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَىٰ نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا } [ الطور : 13 ] أي يدفعون دفعاً ، نظيره قوله تعالى : { فَلِذَلِكَ ٱلَّذِى يَدُعُّ ٱلْيَتِيمَ } [ الماعون : 2 ] أي يدفعه ، ويدل عليه قوله تعالى : { وَنَسُوقُ ٱلْمُجْرِمِينَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ وِرْداً } [ مريم : 86 ] . وأما الزمر ، فهي الأفواج المتفرقة بعض في أثر بعض ، فبين الله تعالى أنهم يساقون إلى جهنم فإذا جاءوها فتحت أبوابها ، وهذا يدل على أن أبواب جهنم إنما تفتح عند وصول أولئك إليها ، فإذا دخلوا جهنم قال لهم خزنة جهنم { أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مّنكُمْ } أي من جنسكم { يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ ءايَـٰتِ رَبّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَـاء يَوْمِكُمْ هَـٰذَا } فإن قيل فلم أضيف اليوم إليهم ؟ قلنا أراد لقاء وقتكم هذا وهو وقت دخولهم النار ، لا يوم القيامة ، واستعمال لفظ اليوم والأيام في أوقات الشدة مستفيض ، فعند هذا تقول الكفار : بلى قد أتونا وتلوا علينا { وَلَـٰكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ ٱلْعَذَابِ عَلَى ٱلْكَـٰفِرِينَ } وفي هذه الآية مسألتان : المسألة الأولى : تقدير الكلام أنه حقت علينا كلمة العذاب ، ومن حقت عليه كلمة العذاب فكيف يمكنه الخلاص من العذاب ، وهذا صريح في أن السعيد لا ينقلب شقياً ، والشقي لا ينقلب سعيداً ، وكلمات المعتزلة في دفع هذا الكلام معلومة ، وأجوبتنا عنها أيضاً معلومة . المسألة الثانية : دلت الآية على أنه لا وجوب قبل مجيء الشرع ، لأن الملائكة بينوا أنه ما بقي لهم علة ولا عذر بعد مجيء الأنبياء عليهم السلام ، ولو لم يكن مجيء الأنبياء شرطاً في استحقاق العذاب لما بقي في هذا الكلام فائدة ، ثم إن الملائكة إذا سمعوا منهم هذا الكلام قالوا فهم { ٱدْخُلُواْ أَبْوٰبَ جَهَنَّمَ خَـٰلِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى ٱلْمُتَكَـبّرِينَ } قالت المعتزلة : لو كان دخولهم النار لأجل أنه حقت عليهم كلمة العذاب لم يبق لقول الملائكة { فَبِئْسَ مَثْوَى ٱلْمُتَكَـبّرِينَ } فائدة ، بل هذا الكلام إنما يبقى مقيداً إذا قلنا إنهم إنما دخلوا النار لأنهم تكبروا على الأنبياء ولم يقبلوا قولهم ، ولم يلتفتوا إلى دلائلهم ، وذلك يدل على صحة قولنا ، والله أعلم بالصواب .