Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 124-124)
Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قال مسروق : لما نزل قوله { مَن يَعْمَلْ سُوءا يُجْزَ بِهِ } [ النساء : 123 ] قال أهل الكتاب للمسلمين : نحن وأنتم سواء ، فنزلت هذه الآية إلى قوله { وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً } وفيه مسائل : المسألة الأولى : قرأ ابن كثير وأبو بكر عن عاصم { يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ } بضم الياء وفتح الخاء على ما لم يسم فاعله ، وكذلك في سورة مريم وفي حم المؤمن ، والباقون بفتح الياء وضم الخاء في هذه السورة جميعاً على أن الدخول مضاف إليهم ، وكلاهما حسن ، والأول أحسن لأنه أفخم ، ويدل على مثيب أدخلهم الجنة ويوافق { وَلاَ يُظْلَمُونَ } وأما القراءة الثانية فهي مطابقة لقوله تعالى : { ٱدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوٰجُكُمْ } [ الزخرف : 70 ] ولقوله { ٱدْخُلُوهَا بِسَلامٍ } [ الحجر : 46 ] [ ق : 34 ] ، والله أعلم . المسألة الثانية : قالوا : الفرق بين { مِنْ } الأولى والثانية أن الأولى للتبعيض ، والمراد من يعمل بعض الصالحات لأن أحداً لا يقدر على أن يعمل جميع الصالحات ، بل المراد أنه إذا عمل بعضها حال كونه مؤمناً استحق الثواب . وأعلم أن هذه الآية من أدل الدلائل على أن صاحب الكبيرة لا يبقى مخلداً في النار ، بل ينقل إلى الجنة ، وذلك لأنا بينا أن صاحب الكبيرة مؤمن ، وإذا ثبت هذا فنقول : إن صاحب الكبيرة إذا كان قد صلّى وصام وحج وزكى وجب بحكم هذه الآية أن يدخل الجنة ، ولزم بحكم الآيات الدالة على وعيد الفساق أن يدخل النار ، فأما أن يدخل الجنة ثم ينقل إلى النار فذلك باطل بالإجماع ، أو يدخل النار ثم ينقل إلى الجنة فذلك هو الحق الذي لا محيد عنه ، والله أعلم . المسألة الثالثة : النقير : نقرة في ظهر النواة منها تنبت النخلة ، والمعنى أنهم لا ينقصون قدر منبت النواة . فإن قيل : كيف خص الله الصالحين بأنهم لا يظلمون مع أن غيرهم كذلك كما قال { وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّـٰمٍ لّلْعَبِيدِ } [ فصلت : 46 ] وقال { وَمَا ٱللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لّلْعَـٰلَمِينَ } [ آل عمران : 108 ] . والجواب من وجهين : الأول : أن يكون الراجع في قوله { وَلاَ يُظْلَمُونَ } عائداً إلى عمال السوء وعمال الصالحات جميعاً ، والثاني : أن كل ما لا ينقص عن الثواب كان بأن لا يزيد في العقاب أولى هذا هو الحكم فيما بين الخلق ، فذكر الله تعالى هذا الحكم على وفق تعارف الخلق .