Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 142-142)
Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { إِنَّ ٱلْمُنَـٰفِقِينَ يُخَـٰدِعُونَ ٱللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ } قد مرّ تفسير الخداع في سورة البقرة في قوله { يُخَـٰدِعُونَ ٱللَّهَ وَٱلَّذِينَ ءامَنُوا } [ البقرة : 9 ] قال الزجاج في تفسير هذه الآية { يُخَـٰدِعُونَ ٱللَّهَ } أي يخادعون رسول الله ، أي يظهرون له الإيمان ويبطنون الكفر كما قال : { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ ٱللَّهَ } [ الفتح : 10 ] وقوله { وَهُوَ خادعهم } أي مجازيهم بالعقاب على خداعهم . قال ابن عباس رضي الله عنهما : إنه تعالى خادعهم في الآخرة ، وذلك أنه تعالى يعطيهم نوراً كما يعطي المؤمنين فإذا وصلوا إلى الصراط انطفأ نورهم وبقوا في الظلمة ، ودليله قوله تعالى : { مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ ٱلَّذِى ٱسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ ٱللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَـٰتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ } [ البقرة : 17 ] . ثم قال تعالى : { وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى } يعني وإذا قاموا إلى الصلاة مع المسلمين قاموا كسالى ، أي متثاقلين متباطئين وهو معنى الكسل في اللغة ، وسبب ذلك الكسل أنهم يستثقلونها في الحال ولا يرجون بها ثواباً ولا من تركها عقاباً ، فكان الداعي للترك قوياً من هذه الوجوه ، والداعي إلى الفعل ليس إلا خوف الناس ، والداعي إلى الفعل متى كان كذلك وقع الفعل على وجه الكسل والفتور . قال صاحب « الكشاف » : قرىء { كُسَالَىٰ } بضم الكاف وفتحها جمع كسلان كسكارى في سكران . ثم قال تعالى : { يُرَاءونَ ٱلنَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ ٱللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً } والمعنى أنهم لا يقومون إلى الصلاة إلا لأجل الرياء والسمعة ، لا لأجل الدين . فإن قيل : ما معنى المرآاة وهي مفاعلة من الرؤية . قلنا : إن المرائي يريهم عمله وهم يرونه استحسان ذلك العمل ، وفي قوله { وَلاَ يَذْكُرُونَ ٱللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً } وجوه : الأول : أن المراد بذكر الله الصلاة ، والمعنى أنهم لا يصلون إلا قليلاً ، لأنه متى لم يكن معهم أحد من الأجانب لم يصلوا ، وإذا كانوا مع الناس فعند دخول وقت الصلاة يتكلفون حتى يصيروا غائبين عن أعين الناس . الثاني : أن المراد بذكر الله أنهم كانوا في صلاتهم لا يذكرون الله إلا قليلاً ، وهو الذي يظهر مثل التكبيرات ، فأما الذي يخفى مثل القراءة والتسبيحات فهم لا يذكرونها . الثالث : المراد أنهم لا يذكرون الله في جميع الأوقات سواء كان ذلك الوقت وقت الصلاة أو لم يكن وقت الصلاة إلا قليلاً نادراً . قال صاحب « الكشاف » : وهكذا نرى كثيراً من المتظاهرين بالإسلام ، ولو صحبته الأيام والليالي لم تسمع منه تهليلة ولا تسبيحة ، ولكن حديث الدنيا يستغرق به أيامه وأوقاته لا يفتر عنه . الرابع : قال قتادة إنما قيل : إلا قليلاً ، لأن الله تعالى لم يقبله ، وما رده الله تعالى فكثيره قليل ، وما قبله الله فقليله كثير ثم قال تعالى :