Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 47, Ayat: 20-20)
Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
لما بيّن الله حال المنافق والكافر والمهتدي المؤمن عند استماع الآيات العلمية من التوحيد والحشر وغيرهما بقوله { وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ } [ محمد : 16 ] وقوله { وَٱلَّذِينَ ٱهْتَدَوْاْ زَادَهُمْ هُدًى } [ محمد : 17 ] بين حالهم في الآيات العملية ، فإن المؤمن كان ينتظر ورودها ويطلب تنزيلها وإذا تأخر عنه التكليف كان يقول هلا أمرت بشيء من العبادة خوفاً من أن لا يؤهل لها ، والمنافق إذا نزلت السورة أو الآية وفيها تكليف شق عليه ، ليعلم تباين الفريقين في العلم والعمل ، حيث لا يفهم المنافق العلم ولا يريد العمل ، والمؤمن يعلم ويحب العمل وقولهم { لَوْلاَ نُزِّلَتْ سُورَةٌ } المراد منه سورة فيها تكليف بمحن المؤمن والمنافق . ثم إنه تعالى أنزل سورة فيها القتال فإنه أشق تكليف وقوله { سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ } فيها وجوه : أحدها : سورة لم تنسخ ثانيها : سورة فيها ألفاظ أُريدت حقائقها بخلاف قوله { ٱلرَّحْمَـٰنُ عَلَى ٱلْعَرْشِ ٱسْتَوَىٰ } [ طه : 5 ] وقوله { فِى جَنبِ ٱللَّهِ } [ الزمر : 56 ] فإن قوله تعالى : { فَضَرْبَ ٱلرّقَابِ } [ محمد : 4 ] أراد القتل وهو أبلغ من قوله { فَٱقْتُلُوهُمْ } [ البقرة : 191 ] وقوله { وَٱقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ } [ النساء : 91 ] صريح وكذلك غير هذا من آيات القتال وعلى الوجهين فقوله { مُّحْكَمَةٌ } فيها فائدة زائدة من حيث إنهم لا يمكنهم أن يقولوا المراد غير ما يظهر منه ، أو يقولوا هذه آية وقد نسخت فلا نقاتل ، وقوله { رَأَيْتَ ٱلَّذِينَ فِى قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ } أي المنافقين { يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ ٱلْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ ٱلْمَوْتِ } لأن عند التكليف بالقتال لا يبقى لنفاقهم فائدة ، فإنهم قبل القتال كانوا يترددون إلى القبيلتين وعند الأمر بالقتال لم يبق لهم إمكان ذلك { فَأَوْلَىٰ لَهُمْ } دعاء كقول القائل فويلٌ لهم ، ويحتمل أن يكون هو خبر لمبتدأ محذوف سبق ذكره وهو الموت كأن الله تعالى لما قال : { نَظَرَ ٱلْمَغْشِىّ عَلَيْهِ مِنَ ٱلْمَوْتِ } قال فالموت أولى لهم ، لأن الحياة التي لا في طاعة الله ورسوله الموت خير منها ، وقال الواحدي يجوز أن يكون المعنى فأولى لهم طاعة أي الطاعة أولى لهم .