Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 47, Ayat: 26-26)
Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قال بعض المفسرين ذلك إشارة إلى الإملاء ، أي ذلك الإملاء بسبب أنهم قالوا للذين كرهوا وهو اختيار الواحدي ، وقال بعضهم { ذٰلِكَ } إشارة إلى التسويل ، ويحتمل أن يقال ذلك الارتداد بسبب أنهم قالوا { سَنُطِيعُكُمْ } وذلك لأنا نبين أن قوله { سَنُطِيعُكُمْ فِى بَعْضِ ٱلأَمْرِ } هو أنهم قالوا : نوافقكم على أن محمداً ليس بمرسل ، وإنما هو كاذب ، ولكن لا نوافقكم في إنكار الرسالة والحشر والإشراك بالله من الأصنام ، ومن لم يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم فهو كافر ، وإن آمن بغيره . لا بل من لم يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم ، لا يؤمن بالله ولا برسله ولا بالحشر ، لأن الله كما أخبر عن الحشر وهو جائز ، أخبر عن نبوّة محمد عليه الصلاة والسلام ، وهي جائزة فإذا لم يصدق الله في شيء لا ينفي الكذب بقول الله في غيره ، فلا يكون مصدقاً موقناً بالحشر ، ولا برسالة أحد من الأنبياء ، لأن طريق معرفتهم واحد ، والمراد من الذين كرهوا ما نزل الله هم المشركون والمنافقون ، وقيل المراد اليهود ، فإن أهل مكة قالوا لهم : نوافقكم في إخراج محمد وقتله وقتال أصحابه ، والأول أصح ، لأن قوله { كَرِهُواْ مَا نَزَّلَ ٱللَّهُ } لو كان مسنداً إلى أهل الكتاب لكان مخصوصاً ببعض ما أنزل الله ، وإن قلنا بأنه مسند إلى المشركين يكون عاماً ، لأنهم كرهوا ما نزل الله وكذبوا الرسل بأسرهم ، وأنكروا الرسالة رأساً ، وقوله { سَنُطِيعُكُمْ فِى بَعْضِ ٱلأَمْرِ } يعني فيما يتعلق بمحمد من الإيمان به فلا نؤمن ، والتكذيب به فنكذبه كما تكذبونه والقتال معه ، وأما الإشراك بالله ، واتخاذ الأنداد له من الأصنام ، وإنكار الحشر والنبوة فلا ، وقوله { وَٱللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ } قال أكثرهم : المراد منه هو أنهم قالوا ذلك سراً ، فأفشاه الله وأظهره لنبيه عليه الصلاة والسلام ، والأظهر أن يقال { وَٱللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ } وهو ما في قلوبهم من العلم بصدق محمد عليه الصلاة والسلام ، فإنهم كانوا مكابرين معاندين ، وكانوا يعرفون رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يعرفون أبناءهم ، وقرىء { إِسْرَارَهُمْ } بكسر الهمزة على المصدر ، وما ذكرنا من المعنى ظاهر على هذه القراءة ، فإنهم كانوا يسرون نبوة محمد عليه الصلاة والسلام ، وعلى قولنا المراد من الذين ارتدوا المنافقون ، فكانوا يقولون للمجاهدين من الكفار { سَنُطِيعُكُمْ فِى بَعْضِ ٱلأَمْرِ } وكانوا يسرون أنهم إن غلبوا انقلبوا ، كما قال الله تعالى { ولئن جاء نصر من ربك ليقولن إنا كنا معكم } [ العنكبوت : 10 ] وقال تعالى : { فَإِذَا جَاء ٱلْخَوْفُ سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ } [ الأحزاب : 15 ]