Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 47, Ayat: 36-36)
Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
زيادة في التسلية يعني كيف تمنعك الدنيا من طلب الآخرة بالجهاد ، وهي لا تفوتك لكونك منصوراً غالباً ، وإن فاتتك فعملك غير موتر ، فكيف وما يفوتك ، فإن فات فائت ولم يعوض لا ينبغي لك أن تلتفت إليها لكونها لعباً ولهواً ، وقد ذكرنا في اللعب واللهو مراراً أن اللعب ما تشتغل به ولا يكون فيه ضرورة في الحال ولا منفعة في المآل ، ثم إن استعمله الإنسان ولم يشتغله عن غيره ، ولم يثنه عن أشغاله المهمة فهو لعب وإن شغله ودهشه عن مهماته فهو لهو ، ولهذا يقال ملاهي لآلات الملاهي لأنها مشغلة عن الغير ، ويقال لما دونه لعب كاللعب بالشطرنج والحمام ، وقد ذكرنا ذلك غير مرة ، وقوله { وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ } إعادة للوعد والإضافة للتعريف ، أي الأجر الذي وعدكم بقوله { أَجْرٌ كَرِيمٌ } [ يۤس : 11 ] { وَأَجْرٌ كَبِيرٌ } [ هود : 11 ] { وَأَجْرٌ عَظِيمٌ } [ آل عمران : 172 ] وقوله { وَلاَ يَسْـئَلْكُمْ أَمْوٰلَكُمْ } يحتمل وجوهاً أحدها : أن الجهاد لا بد له من إنفاق ، فلو قال قائل أنا لا أنفق مالي ، فيقال له الله لا يسئلكم مالكم في الجهات المعينة من الزكاة والغنيمة وأموال المصالح فيها تحتاجون إليه من المال لا تراعون بإخراجه وثانيها : الأموال لله وهي في أيديكم عارية وقد طلب منكم أو أجاز لكم في صرفها في جهة الجهاد فلا معنى لبخلكم بماله ، وإلى هذا إشارة بقوله تعالى : { وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تُنفِقُواْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ } [ الحديد : 10 ] أي الكل لله وثالثها : لا يسألكم أموالكم كلها ، وإنما يسألكم شيئاً يسيراً منها وهو ربع العشر ، وهو قليل جداً لأن العشر هو الجزء الأقل إذ ليس دونه جزء وليس اسماً مفرداً ، وأما الجزء من أحد عشر ومن إثنى عشر و إلى مائة جزء لما لم يكن ملتفتاً إليه لم يوضع له اسم مفرد . ثم إن الله تعالى لم يوجب ذلك في رأس المال بل أوجب ذلك في الربح الذي هو من فضل الله وعطائه ، وإن كان رأس المال أيضاً كذلك لكن هذا المعنى في الربح أظهر ، ولما كان المال منه ما ينفق للتجارة فيه ومنه ما لا ينفق ، وما أنفق منه للتجارة أحد قسميه وهو يحتمل أن تكون التجارة فيه رابحة ، ويحتمل أن لا تكون رابحة فصار القسم الواحد قسمين فصار في التقدير كان الربح في ربعه فأوجب ربع عشر الذي فيه الربح وهو عشر فهو ربع العشر وهو الواجب ، فعلم أن الله لا يسألكم أموالكم ولا الكثير منه .